ما ذكره بيبرس أو النويرى ، من أنه أمر عطيفة مع أبى الغيث ، والله أعلم بالصواب.
وذكر النويرى : أن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر ، ولى عطيفة إمرة مكة ، فى سنة تسع عشرة وسبعمائة ، بعد القبض على أخيه رميثة بمكة ، فى موسم ثمان عشرة ، وأن السلطان جهز مع عطيفة لنصرته عسكرا ، مع أميرين ، هما : عز الدين [............](١) وعز الدين أيدمر الملكى ، وأنهم توجهوا من القاهرة فى شهر الله المحرم من سنة تسع عشرة وسبعمائة. ولما وصل العسكر إلى مكة ، أجلسوا بها عطيفة وأقاموا عنده ، وتوجه الذين كانوا بها من العام الماضى ، وكثر بمكة الأمن والعدل ، ورخصت الأسعار ، بحيث إنه بيعت غرارة القمح فى هذه السنة بمائة وعشرين درهما ، على ما ذكر البرزالى ، وما أدرى هل أراد بالغرارة المكية أو الشامية.
ولما حج السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون فى هذه السنة ، أعنى سنة تسع عشرة وسبعمائة ، سأله المجاورون بمكة ، أن يترك عندهم فيها من يمنعهم من أذى حميضة لهم ففعل ، وترك بها الأمير شمس الدين سنقر فى مائة فارس ، ولما قصد حميضة مكة وعطيفة بها ، خرج إليه عطيفة ، ومع عطيفة أخوه عطاف ، وآخر من أخوته ، وعسكره ضعيف ، فنصرهم الله على حميضة وكسروه ، وكان ذلك فى جمادى الآخرة من سنة عشرين وسبعمائة ، وقتل حميضة بعد ذلك بأيام.
وذكر البرزالى نقلا عن كتاب الشيخ فخر الدين النويرى : أن مكة كانت فى هذه السنة طيّبة من كثرة المياه والخير والأمن ، وأرسل إليها من الغلال ما له قيمة كثيرة. وذكر البرزالى أنه جاء فى هذه السنة من اليمنيين والكارم خلق كثير إلى مكة ، بسبب عدل عطيفة. قال : وذكر أن الناس تألّموا لمجىء رميثة من مصر إلى مكة فى موسم هذه السنة ، صحبة الأمير أرغون النائب الناصرى ، لأن الناس يحبون عطيفة لعدله. قال : لكن أمر مكة إلى عطيفة ، وهو مشكور السيرة. انتهى.
ورأيت فى كلام بعضهم ، ما يقتضى أن رميثة ولى إمرة مكة فى هذه السنة ، شريكا لأخيه عطيفة ، والله أعلم بالصواب.
وذكر البرزالى ما يقتضى أن رميثة كان أمير مكة فى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة ، لأنه قال فى أخبار هذه السنة : ورد كتاب موفق الدين عبد الله الحنبلى ، إمام المدرسة الصالحية من القاهرة ، وهو مؤرخ بمستهل جمادى الآخرة ، يذكر فيه أنه جاء فى هذا
__________________
(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.