ولما عرف بهم الأشراف ، هربوا خوفا من سهام الترك ، وقتل أصحاب علىّ منهم مبارك بن عبد الكريم من الأشراف ، وابن شكوان من أتباعهم ، وعادوا إلى مكة ، ومعهم من خيل الأشراف خمسة ، ومن دروعهم ثلاثة عشر درعا ، وتوصلت قافلة بجيلة إلى مكة ، فانتفع بها الناس.
وبعد سفر الحاج من مكة ، صار عنان والأشراف إلى وادى مرّ ، واستولوا عليه وعلى جدّة ، ونهبوا بعض تجار اليمن ، وأفسدوا فى الطرقات ، ولأجل استيلائهم على مدّة ، احتاج علىّ إلى النفقة ، فأخذ من تجار اليمن ومكة ، ما استعان به على إزالة سرورته.
وفى ربيع الآخر ، أو جمادى الأولى من سنة تسعين وسبعمائة ، أتاه من مصر أخوه الشريف حسن ، بجماعة من الترك استخدمهم له ، نحو خمسين فارسا وخلعة من السلطان ، وكتاب منه يتضمن استمراره ، فلبس الخلعة ، وقرئ الكتاب بالمسجد الحرام ، ووصل إليه أيضا خلعة ، وكتاب يتضمن باستمراره ، من الصالح حاجّى بن الأشرف شعبان ، لما عاد إلى السّلطنة بمصر ، بعد خلع الملك الظاهر ، فى أثناء سنة إحدى وتسعين وسبعمائة.
وفى آخر ذى القعدة منها ، بلغه أن الأشراف آل أبى نمىّ ، يريدون نهب الحاجّ المصرى ، فخرج من مكة بعسكره لنصرهم ونصر أخيه محمد ، فإنه كان قدم معهم من مصر ، بعد أن أجيب لقصده فى حبس عنان ، ولم يقع بين الفريقين قتال ، لأن أمير الحاج أبا بكر بن سنقر الجمالى ، لما عرف قصد الأشراف للحاج ، لاطفهم مع الاستعداد لحربهم ، فأعرضوا عن الحاجّ.
وفى أوائل سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة ، حصل بين علىّ وأخويه ، حسن ومحمد منافرة ، فبان عن علىّ أخواه ، ونزلا بمن انضم إليهما فى وادى مرّ ، ثم هجم حسن مكة فى جماعة ، وخرجوا منها من فورهم ، وقتل بعضهم شخصا يقال له بحر.
وفى سنة اثنتين وتسعين أيضا ، اصطلح والأشراف آل أبى نمىّ ، بسعى محمد بن محمود ، وكان علىّ قد قلّده أمره لنيل رأيه ، وحلفوا لعلى وحلف لهم ، وأعطاهم إبلا وأصائل بوادى مرّ ، وتزوّج بعد ذلك منهم ، بنت حازم بن عبد الكريم بن أبى نمىّ.
ولما كان قبيل النصف من شعبان سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة ، وصل عنان من مصر ، متوليّا نصف الإمرة بمكة ، من قبل الملك الظاهر ، شريكا لعلىّ ، فسعى الناس