بينهم فى المؤالفة ، وأن يكون لكلّ منهما نوّاب بمكة ، بعضهم للحكم بها ، وبعضهم لقبض ما يخصه من المتحصّل ، وإن كلّا منهما يقدم مكة إذا عرضت له بها حاجة فيقضيها ، وأن يكون القواد مع عنان ، والأشراف مع على ، لملايمتهم له قبل وصول عنان ، فرضيا بذلك ، وفعلا ما اتفقا عليه.
وكان أصحاب كل منهما غالبين له على أمره ، فحصل للناس فى ذلك ضرر ، سيّما الواردين إلى مكة ، لأن حجّاج اليمن ، نهبوا بالمعابدة بطريق منى وبمكة نهبا فاحشا ، ونهب أيضا بعض الحجاج المصريين ، وما خرج الحاج المصريون ، حتى استنزل عليهم أمير الحاجّ أبو بكر بن سنقر ، من بعض بنى حسن ، وكان ذلك فى موسم سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة.
ولمّا سمع ذلك السلطان بمصر ، استدعى إليه عليا وعنانا ، وكان وصول هذا الاستدعاء ، فى أثناء سنة أربع وتسعين وسبعمائة ، ووصل مع النجّاب المستدعى لهم ، خلعتان من السلطان ، لعلى ولعنان ، وكان عنان إذ ذاك منقبضا عن دخول مكة ، لأن بعض غلمان علىّ بن عجلان ، همّ بالفتك به فى آخر صفر من سنة أربع وتسعين وسبعمائة بالمسعى ، ففر هاربا ، بعد أن كاد يهلك ، وأزال أصحاب على نوّابه من مكة ، وشعار ولايته بها ، لأنهم قطعوا الدعاء له على زمزم بعد المغرب ، وأمر الخطيب بقطع اسمه من الخطبة فما أجاب ، ثم دخل عنان مكة ، بموافقة علىّ وأصحاب رأيه ، ليتجهّز منها إلى مصر.
فلما انقضى جهازه ، سافر منها فى جمادى الآخرة إلى مصر ، وتلاه إليها علىّ ، وقصد المدينة النبوية ، فزار جده المصطفى صلىاللهعليهوسلم وغيره ، وجمع الناس بالحرم النبوى ، لقراءة ختمة شريفة للسلطان ، والدعاء له عقيبها ، وكتب بذلك محضرا يتضمن ذلك ، وما اتفق ذلك لعنان ، لأنه قصد من بدر ينبع ، ليسبق منها عليا إلى مصر ، ولما وصل علىّ إلى مصر ، أهدى للسلطان وغيره هدايا حسنة ، واجتمع السّلطان يوم الخميس خامس شعبان من سنة أربع وتسعين ، فى يوم الموكب بالإيوان ، فأقبل عليه السلطان كثيرا ، وأمره بالجلوس فوق عنان ، وكان جلس تحته ، وبعد أيام ، فوّض إليه إمرة مكة بمفرده ، وأعطاه أربعين فرسا ، وعشرة مماليك من الترك ، وثلاثة آلاف أردب قمح ، وألف أردب شعير ، وألف أردب فول.
ومما أحسن إليه به ، فرس خاص ، وسرج مغرق بالذهب ، وكنبوش ذهب ، وسلسلة