أشرك بينه وبين أبى طاهر محمد بن أحمد بن عبد الله الذّهلىّ ، قاضى مصر فى الحكم ، فلما تعطل شقّ أبى طاهر ، فوّض له المعز القضاء مستقلا ، فى ثالث صفر من سنة ست وستين وثلاثمائة ، وكان فى سجله : القضاء بالديار المصرية والشامية والحرمين والمغرب ، وجميع مملكة العزيز ، والخطابة والإمامة والعيار فى الذهب والفضة ، والموازين والمكاييل. ولم يزل مستمرا على أحكامه ، وافر الحرمة عند العزيز ، إلى أن توفى يوم الاثنين لست خلون من رجب سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ، وصلّى عليه العزيز ، ودفن فى داره بالحمراء.
وكانت ولادته بالمغرب ، فى شهر ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلاثمائة ، وأقامت مصر بغير قاض ينظر فيها ، ثمانية عشر يوما ، لأن أخاه محمد بن النّعمان كان مريضا. وكان أبو الحسن هذا ، مفنّنا فى عدّة علوم ، منها علم القضاء ، والقيام به بوقار وسكينة ، وعلم الفقه والعربية والأدب والشعر ، وأيام الناس ، وكان شاعرا مجيدا فى الطبقة العليا. ومن ذلك ما رواه له فى دمية القصر ، وابن زولاق فى أخبار القضاة ، فى ترجمته [من الخيف](١):
ربّ خود عرفت فى عرفات |
|
سلبتنى بحسنها حسناتى |
حرّمت حين أحرمت نور عينى |
|
واستباحت حشاى باللّحظات |
وأفاضت مع الحجيج ففاضت |
|
من جفونى سوابق العبرات |
ولقد أضرمت على القلب جمرا |
|
محرقا إذ مشت إلى الجمرات |
لم أنل من منى منى النفس حتى |
|
خفت بالخيف أن تكون وفاتى |
لخصت هذه الترجمة من تاريخ ابن خلكان ، رحمهالله تعالى.
٢١٣٧ ـ على بن هاشم بن على بن مسعود بن غزوان القرشى الهاشمى المكى الشافعىّ ، الفقيه نور الدين أبو الحسن :
سمع الحديث كثيرا على جماعة من شيوخنا ، منهم جمال الدين إبراهيم الأميوطىّ ، والعفيف عبد الله محمد النّشاورىّ ، وإبراهيم بن محمد بن صدّيق ، وتفقّه كثيرا بقاضى مكة ، جمال الدين محمد بن عبد الله بن ظهيرة وغيره ، وكان بصيرا بالفقه ، حسن المذّاكرة خيّرا ، وسافر إلى اليمن للتجارة غير مرّة.
__________________
(١) نسب الأبيات فى دمية القصر (١ / ٢٨٤) للقاضى النعمانى.
٢١٣٧ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ٤٦).