أن أبايعه ، على أنّ لى ما تقدم وما تأخر ، فلما أخذت بيده وبايعته على ما تقدّم ، نسيت ما تأخر.
وقال الزبير : لما هاجر عمرو بن العاص ، فى الهدنة التى كانت بين يدى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم وبين قريش ، هو وخالد بن الوليد ، وعثمان بن طلحة ، فلما رآهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال: «رمتكم مكة بأفلاد كبدها» واشترط على رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين بايعه ، أن يغفر له ما تقدم من ذنبه ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الإسلام يجبّ ما قبله».
واشترط عليه أن يشركه فى الأمر ، فأعطاه ذلك ، ثم بعث إليه رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فقال : «إنى أردت أن أوجهك وجها ، وأزعب لك زعبة من المال». فقال عمرو : أمّا المال ، فلا حاجة لى فيه ووجّهنى حيث شئت. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «نعمّا بالمال الصالح للرجل الصالح» وأمّره قبل الشام ، وأمره أن يدعو إلى الجهاد ، فشخص عمرو إلى ذلك الوجه ، ثم كتب إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يستمده ، فأمده بجيش فيهم أبو بكر وعمر ، وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح رضى الله عنهم ، فقال عمرو : أنا أميركم.
وقال أبو عبيد : أنت أمير من معك ، وأنا أمير من معى. فقال عمرو : إنما أنتم مددى ، فأنا أميركم. فقال له أبو عبيدة : تعلم ، يا عمرو ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إلىّ ، فقال : إذا قدمت على عمرو فتطاوعا ولا تختلفا فإن خالفتنى أطعتك. قال : فإنى أخالفك ، فسلم له أبو عبيدة ، وصلى خلفه.
وقيل لعمرو بن العاص : ما أبطأ بك عن الإسلام ، وأنت أنت فى عقلك؟. فقال : إنا كنّا مع قوم لهم علينا تقدم وسنّ ، وتوازن حلومهم الجبال ، ما سلكوا فجّا فتبعناهم إلا وجدناه سهلا. فلما أنكروا على النبى صلىاللهعليهوسلم ، أنكرنا معهم ، ولم نفكر فى أمرنا ، وقلدّناهم. فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا ، نظرنا فى أمر النبى صلىاللهعليهوسلم وتدبرناه ، فإذا الأمر بيّن ، فوقع فى قلبى الإسلام ، فعرفت قريش ذلك فى إبطائى عما كنت أسرع فيه من عونهم على أمرهم ، فبعثوا إلىّ فتى منهم ، فقال : أبا عبد الله! إن قومك قد ظنوا بك الميل إلى محمد ، فقلت له : يا ابن أخى! إن كنت تحب أن تعلم ما عندى ، فموعدك الليل من حراء. فالتقينا هنالك ، فقلت له : إنى أنشدك الله الذى هو ربك ورب من قبلك ورب من بعدك ، أنحن أهدى أم فارس والروم؟.
قال : اللهم بل نحن. قلت : فما ينفعنا فضلنا عليهم فى الهدى ، إن لم تكن إلا هذه الدنيا ، وهم فيها أكثر منا أمرا ، قد وقع فى نفسى ، أن ما يقول محمد من البعث بعد