الموت حق ، ليجزى المحسن فى الآخرة بإحسانه ، والمسىء بإساءته. هذا يابن أخى الذى وقع فى نفسى ، ولا خير فى التمادى فى الباطل.
قال ابن عبد البر : أسلم سنة ثمان قبل الفتح ، وقيل أسلم بين الحديبية وخيبر ، ولا يصح. وقيل : إنه لم يأت من أرض الحبشة إلا وهو معتقد الإسلام ، لما أخبره النجاشى بنبوة النبىصلىاللهعليهوسلم. قال ابن عبد البر : والصحيح أنه قدم مسلما على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، سنة ثمان قبل الفتح بستة أشهر ، هو وخالد وعثمان ، وأمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم على سرية نحو الشام ، إلى أخوال أبيه العاصى بن وائل من بكر ، يدعوهم إلى الإسلام ، ويستنفرهم إلى الجهاد ، فشخص عمرو إلى ذلك الوجه ، فى جمادى الآخرة سنة ثمان ، فى ثلاثمائة نفر ، فسار حتى إذا كانوا على ماء بأرض جذام ، يقال له السلاسل ، خاف ، فكتب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يستمده ، فأمده بخمسين ومائتين فارسا من المهاجرين والأنصار ، فيهم أبو بكر وعمر رضى الله عنهما ، وأمر عليهم أبا عبيدة ، فلما قدموا ، قال لهم عمرو : أنا أميركم ، وأنتم مددى. فقال أبو عبيدة : إنما أنت أمير من معك ، وأنا أمير من معى ، فأبى عمرو ، فقال له أبو عبيدة : يا عمرو ، إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عهد إلىّ : إذا قدمت إلى عمرو فتطاوعا ولا تختلفا ، فإن خالفتنى أطعتك ، قال : فإنى أخالفك ، فسلم له أبو عبيدة ، وصلى خلفه فى الجيش كله ، وكانوا خمسمائة.
وتعرف هذه الغزوة ، بغزوة ذات السلاسل ، وولاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم على عمان ، فلم يزل عليها حتى قبض النبى صلىاللهعليهوسلم ، وولاه عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، بعد موت يزيد ابن أبى سفيان ، فلسطين والأردن ، ثم عزله ، وكتب إليه بالمسير إلى مصر ، فسار إليها فى جيش فافتتحها ، ولم يزل عليها حتى مات عمر رضى الله عنه ، وأقره عثمان رضى الله عنه عليها أربع سنين أو نحوها ، ثم عزله وولاها عبد الله بن سعد بن أبى سرح ، وكان ذلك بدء الشر بين عمرو وعثمان ، واعتزل عمرو عثمان ، ونزل فى ناحية فلسطين ، وكان يأتى المدينة أحيانا ، ويطعن فى خلال ذلك على عثمان ، فلما قتل عثمان ، سار إلى معاوية باستجلابه إياه ، وشهد صفين معه ، وكان منه بصفين وفى التحكيم ما هو عند أهل العلم بأيام الناس معلوم. ثم ولاه مصر ، فلم يزل عليها إلى أن مات بها أميرا عليها. انتهى.
وروى له عن النبى صلىاللهعليهوسلم ، سبعة وثلاثون حديثا ، اتفق البخارى ومسلم منها على ثلاثة ، وروى له البخارى بعض حديث ، وروى له مسلم حديثين.