وقال هارون بن إسحاق الهمذانى : حدثنى رجل من أهل مكة قال : كنا جلوسا مع الفضيل بن عياض ، فقلنا : يا أبا على ، كم سنّك؟ فقال [من المتقارب] :
بلغت الثمانين أو جزتها |
|
فماذا أؤمل أو أنتظر |
أتت لى ثمانون من مولدى |
|
ودون الثمانين لى معتبر |
علتنى السنون فأبليننى |
|
فدق العظام وكل البصر |
وقال أبو عمار الحسين بن حريث ، عن الفضل بن موسى : كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع بين أبيورد وسرخس ، وكان سبب توبته ، أنه عشق جارية ، فبينا يرتقى الجدران إليها ، إذ سمع تاليا يتلو : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) [الحديد : ١٦] فلما سمعها ، قال : بلى يا رب ، قد آن ، فرجع فآواه الليل إلى خربة ، فإذا فيها قافلة ، فقال بعضهم : نرتحل. وقال بعضهم : حتى نصبح ، فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا ، قال : ففكرت ، وقلت : أنا أسعى بالليل فى المعاصى ، وقوم من المسلمين هاهنا يخافوننى! وما أرى الله تعالى ساقنى إليهم إلا لأرتدع ، اللهم إنى قد تبت إليك ، وجعلت توبتى مجاورة البيت الحرام. انتهى.
ذكره خليفة بن خياط فى الطبقة الخامسة من أهل مكة. وذكره محمد بن سعد فى الطبقة السادسة منهم ، وقال : ولد بخراسان بكورة أبى ورد ، وقدم مكة وهو كبير ، فسمع بها الحديث من ابن المعتمر وغيره ، ثم تعبد وانتقل إلى مكة ، ونزلها ، إلى أن مات بها فى أول سنة سبع وثمانين ومائة ، فى خلافة هارون الرشيد.
وقال يحيى بن معين ، وعلى بن المدينى ، وأبو عبيد القاسم بن سلام ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، والبخارى ، فى آخرين : مات بمكة سنة سبع وثمانين ومائة ، وزاد بعضهم : فى أول المحرم. وحكى عن هشام بن عمار أنه قال : مات يوم عاشوراء. انتهى.
وقال مجاهد بن موسى : مات سنة ثمانين ومائة. وقال أبو بكر بن عفان : سمعت وكيعا يوم مات الفضيل بن عياض يقول : ذهب الحزن اليوم من الأرض. قال الحافظ أبو بكر الخطيب : حدث عنه سفيان الثورى ، والحسين بن داود البلخى ، وبين وفاتيهما مائة وإحدى وعشرون سنة ، وحدث عنه أبو سهل الخياط ، وبين وفاته ووفاة البلخى ، مائة سنة وسنة وواحد (١).
روى له الجماعة ، سوى ابن ماجة.
__________________
(١) هذا التعبير جاء على هذه الصورة بالأصل.