وروى عنه القراءات : ورّاقه أحمد بن إبراهيم ، ورّاق خلف بن هشام ، وأحمد بن يوسف التغلبى ، وعلى بن عبد العزيزى البغوى ، وغيرهم.
قال الذهبى : وله قراءة منقولة فى كتاب «المنتهى» لأبى الفضل الخزاعى. وأخذ العربية عن أبى زيد الأنصارى ، والأصمعى وغيرهما. وله تواليف فى القرآن والحروف والفقه والحديث واللغة والشعر.
قال أبو داود : كان ثقة مأمونا. وقال الدارقطنى : ثقة جبل إمام. وذكره ابن حبان فى الثقات ، وقال : كان أحد أئمة الدنيا ، صاحب حديث وفقه وورع ودين ، ومعرفة بالأدب وأيام الناس ، ممن جمع وصنف واختار ، وذب عن الحديث ونصره ، وقمع من خالف وحاد عنه. وقال أحمد بن سلمة : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : الحق يحبه الله ، أبو عبيد أفقه منى وأعلم. وناهيك بهذه منقبة.
وقال الذهبى : وكان يجتهد ولا يقلد أحدا ، وذكر ابن سعد ، أنه ولى قضاء طرسوس أيام ثابت بن مضر الخزاعى ، ولم يزل معه ومع ولده ، وحج فتوفى بمكة سنة أربع وعشرين ومائتين. وهكذا قال ابن حبان فى وفياته ، وغير واحد ، منهم الذهبى ، وقال : وله سبع وستون سنة ، وحكى عن الخطيب أنه قال : ولد بهراة ، وقال : كان رومىّ الأصل.
٢٣٢١ ـ قاسم بن سليمان بن محمود النجار المكى ، يكنى أبا فليتة :
ذكره أبو العباس الميورقى فى تعاليقه ، وذكر أنه سمعه يقول : رحلت إلى مصر ، وكنت مشتغلا بالبناء ، فكنت ذات يوم بالقصير ، الذى هو الساحل الذى تشحن منه المراكب فى أيام الملك الكامل ، فى نحو سنة ثلاثين وستمائة ، وقبور أهل القصير على يمين طريق الحاج ويساره ، وكان بها شر [...](١) الخمر ، فأتى فى سكرته ، فعاتبته أمه ، فضربها بركبته اليمنى ، فعاش شهرا ثم مات ، فدفنوه وهى عليه ساخطة ، وكانت عند ضربته قد قالت له : اغد يا بنى ، كشفك الله فى دار الدنيا ودار الآخرة. فلما كان يوم الخميس من دفنه ، خرجت من قبره ركبته التى ضرب بها أمه.
قال أبو فليتة : فنادانى تاجر من تجار الكارم ، فبنيت عليه ورصصت البناء بالحصى والنّورة ، فلم يشعر للخميس الآخر ، إلا وركبته بارزة كما كانت ، وما نفع بنيانى وإتقانى شيئا ، فلما رأى الناس تلك الموعظة ، راحوا إلى أمه وأتوا بها لتعاين قدرة الله
__________________
٢٣٢١ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.