تأليف له سماه «النكت العصرية فى أخبار الوزراء المصرية» ولايته مع شىء من خبره ، لأنه قال بعد ذكر شىء من حاله باليمن : خرجت إلى مكة حاجّا ، بل هاجّا ، سنة تسع وأربعين ، يعنى وخمسمائة. وفى موسم هذه السنة ، مات أمير الحرمين هاشم بن فليتة ، وولى الحرمين ، ولده قاسم بن هاشم ، فألزمنى السفارة عنه ، والرسالة منه إلى الدولة المصرية ، فقدمتها فى شهر ربيع الأول ، سنة خمسين وخمسمائة ، والخليفة بها يومئذ الفائز ابن الظافر ، والوزير له الملك الصالح طلائع بن رزّيك. ثم قال : ثم عدت من مصر فى شوال سنة خمسين ، وأدركنا الحج والزيارة ، فى بقية سنة خمسين وورد أمر الخليفة ببغداد ، وهو المقتفى ، إلى أمير الحرمين ، قاسم بن هاشم ، يأمره أن يركب على باب الكعبة المعظمة ، باب ساج جديد ، قد ألبس جميع خشبه الفضة وطلى بذهب ، وأن يأخذ أمير الحرمين حلية الباب القديم لنفسه ، وأن يسيّر إليه خشب الباب القديم مجردا ، ليجعله تابوتا يدفن فيه عند موته ، فلما قدمت من الزيارة ، سألنى أمير الحرمين أن أبيع له الفضة التى أخذها من على الباب فى اليمن ، ومبلغ وزنها خمسة عشر ألف درهم ، فتوجهت إلى زبيد وعدن ، من مكة حرسها الله تعالى سنة إحدى وخمسين ، وحججت فى الموسم منها ، ودفعت لأمير الحرمين ماله ، ثم توجهت أريد الخروج إلى اليمن ، فألزمنى أمير الحرمين التّرسّل عنه إلى الملك الصالح ، بسبب جناية جناها خدمه على حاج مصر والشام ، وهو مال أخذ منهم بمكة ، فخرج الأمر من عند الصالح إلى الوالى بقوص ، أن يعوقنى بقوص ، ولا يأذن لى فى الرجوع ولا فى القدوم إلى باب السلطان ، حتى يرد أمير الحرمين ما أخذ من مال التجار.
ثم ذكر عمارة فى أخبار الناصر بن الصالح طلائع بن رزيك ، أنه قام عن الحجيج بما يستأديه منهم أمير الحرمين ، وسير على يد الأمير شمس الخلافة ، إما خمسة عشر ألف أو دونها ، إلى أمير الحرمين ، قاسم بن هاشم ، برسم إطلاق الحاج. انتهى.
ووجدت بخط الفقيه جمال الدين بن البرهان الطبرى ، أن الأمير قاسم بن هاشم بن فليتة ، ولى بعد أبيه يوم الأربعاء ثانى عشر محرم ، سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ، وما اختلف عليه اثنان ، وأنه أمن البلاد.
وفى ولاية قاسم هذا على مكة ، دخل هذيل إلى مكة ونهبوا ، وذلك فى سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ، على ما وجدت بخط ابن البرهان أيضا ، ووجدت بخطه أن قاسما المذكور ، قتل يوم السابع والعشرين ، من جمادى الأولى سنة ست وخمسين وخمسمائة ، ولم يذكر من قتله ، ولا سبب قتله.
وذكر ذلك ابن الأثير فى كامله ، مع شىء من خبر قاسم هذا ، لأنه قال فى أخبار سنة ست وخمسين : كان أمير مكة هذه السنة قاسم بن فليتة بن قاسم بن أبى هاشم العلوى الحسنى ، فلما سمع بقرب الحجاج من مكة ، صادر المجاورين وأعيان أهل مكة ،