يدي مولانا السلطان ، فقام وبكى وقال : يا مولانا السلطان هذا الخطيب من بيت صالح وفقير ، وله خمسون سنة على رؤوس المسلمين يدعو لمولانا السلطان ، وهو الآن مبتلى ، فكيف تقطع رزقه في أيامك؟ فغضب السلطان ، وكتب بأنكار ذلك إلى طشتمر ، وبعد أيام يسيرة رسم له بالتوجه لمسك تنكز.
وجاء بعده اقسنقر السلاري فولّاني الخطابة لساعته ، تغمّده الله برحمته ، وأسكنه فسيح جنته ، ومن جبروته وعدم شفقته أنّه كان مغرم بقتل الكلاب ، بالغ في ذلك وزاد ، وكان في كلّ ليلة من ليالي رمضان يذبح بقرا وغنما ، ويتصدّق على كل من يطلب ، وأمّا أيّام الأعياد والمواسم فكان يغمر الناس بالعطايا ، ويذبح هو شيئا كثيرا ، ولمّا ورد عليه المرسوم الشّريف صحبه حلاوات البريدي لمسك تنكز (٢٢) ، خاف على نفسه ، فظنّ أنّ الأمر بالعكس ، فلمّا وصل واطمأنّ ومسك تنكز تغمّده الله برحمته ورضوانه ، وكان له في نيابة الشام نحو ثلاثين سنة ، وأمّا طشتمر فإنّه رسم له بالتوجه إلى نيابة حلب المحروسة ، فكانت نيابته بصفد أربع سنين وتسعة وعشرون يوما.
ثمّ حضر للنّيابة بصفد المحروسة الأمير سيف الدين أقسنقر السّلاري ، الرّجل الصالح الدين ، العفيف اللطيف ، رحمهالله تعالى ورضي عنه في نهار الإثنين خامس عشر صفر سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ومتسفره طاجار الدوادار فأقام بصفد سبعة شهور ونصف ، ثمّ نقل إلى ناحية السّلطنة الشريفة بالباب الشريف.
ثمّ حضر بعده للنّيابة من مصر المحروسة ، الأمير بهاء الدين اصلم في نهار الجمعة وقت التّذكير ، رابع شوّال سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، ومتسفرة محمود ابن أخت قوصون.
ثمّ مات السلطان الملك الناصر محمد بن السلطان قلاوون قدّس الله روحه يوم الأربعاء عشرين الحجّة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، ودفن