ولمّا انتهيت في المقال على ما يتعلق بتاريخ صفد إلى آخر المدّة التي ذكرتها ، وكان ابتدائي من فتوحها ، أحببت أن ألخّص ما قبل ذلك فائدة واحدة حررتها ليكون من ظفر بها التاريخ المختصر ، قد علم ما مضى من اعدام الدنيا ، فإنّني أذكر ما بين آدم ومحمد عليهما الصلاة والسلام ، من الحوادث العظيمة التي تؤرّخ بها أهل الملك من الأنام ، ثمّ اذكر دولة كل واحد من الصّحابة ، وإقامة مدّتها ، ثمّ أذكر دولة الأمويّة على حدّتها ، ثمّ أذكر عودة دولة العبّاسيّة إلى ظهور الدولة المملوكية ، وإلى أن فتحت صفد في الدولة الظّاهريّة ، فيكون تاريخا كافيا ، بغرض مثلي وافيا إن شاء الله تعالى.
فأقول اختلف الناس في مقدار مدّة الدنيا ، فقيل ستة آلاف سنة ، وقيل سبعة آلاف سنة ، وهذا قول الأكثرين ودليله قول ابن عبّاس رضياللهعنهما : الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة آلاف سنة ، واختلف في الماضي منها فقيل : إنّ بين هبوط آدم صلىاللهعليهوسلم ، وهجرة نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم خمسة آلاف سنة وسبعمائة وسبعون سنة ، فمن آدم إلى نوح ألفان ومائتا سنة ، ومن نوح إلى إبراهيم ألف ومائة وثلاث وأربعون سنة ، ومن إبراهيم إلى موسى خمسمائة وخمس وسبعون سنة ، ومن موسى إلى داود مائة وتسع وتسعون سنة ، ومن داود إلى عيسى ألف وثلاث وخمسون سنة ، ومن عيسى إلى محمّد صلّى الله عليهم أجمعين ستمائة سنة ، وقيل بين آدم والهجرة خمسة آلاف سنة وستمائة سنة ، وقيل أربعة آلاف وستمائة سنة ، واتّفقوا كلّهم على أنّ بين الطّوفان والهجرة ثلاثة آلاف سنة وخمس وعشرون سنة.