كتاب بشارة بتحرير صفد صدر باسم السلطان الظاهر بيبرس
وتم توجيهه إلى قاضي قضاة الشام شمس الدين أحمد بن
خلكان ـ نقلا عن كتاب ذيل مرآة الزمان
لليونيني (٢ / ٣٣٨ ـ ٣٤٣)
سر الله خاطر المجلس الأعلى السامي واطلع عليه وجوه البشائر سوافر ، وأمتع نواظره باستجلاء محاسنها النواضر ، وواصلها إليه متوالية تواجهه كل يوم بمراتبها الزواهي الزواهر ، وأماثلها لديه متضاهية الجمال متناسبة في حسن المبادي والأواخر ، ولم تزل وجوه البشائر أحسن وجوه تستجلى ، وألفاظه أعذب ألفاظ تستعاد وتستحلى ، وإذا كررت على المسامع أحاديث كتبها لا تمل بل تستملى ، لا سيما إذا كانت بإعزاز الدين ، وتأييد المسلمين ، ونبأ فتح نرجو أن يكون طليعة فتوحات كل فتح منها (هو الفتح المبين ، فإن أنباءها تجل وقعا وتعظم في الدنيا والآخرة نفعا ، وتود كل جارحة عند حديثه أن تكون سمعا ، لحديث) هذا الفتح الذي كرم خبرا ، وخبرا وحسن أثره في الإسلام وردا وصدرا ، وطابت أخبار ذكره فشغل به السارون حداء والسامرون سمرا ، وهو فتح صفد واستنقاذه من أسره واسترجاعه للإسلام وقد طالت عليه في النصرانية مدة من عمره ، وإقرار عين الدين بفتحه وكان قذى عينه وشجى في صدره ، وقد كنا لما وصلنا الشام بالعزم الذي نفرته دواعي الجهاد ، وأنفذته عوالي الصعاد ، وقربته أيدي الجياد ، ملنا على سواحل العدو المخذول فغرقناها ببحار عساكرنا الزاخرة ، وشنينا بها من الغارات ما ألبسها ذلا رفل بها الإسلام في ملابس عزه الفاخرة ، وهي وإن كانت غارة عظيمة شنت في يوم واحد على جميع سواحله واستولى بها النهب والتخريب على أمواله ومنازله ، واستبيح من حرمه وحرمه مصونات معاقله وعقائله ، إلا أنها كانت بين يدي عزائمنا المنصورة نشيطة نشطنا بها الغازين ، واسترهفنا بها همم المجاهدين