وعندما رآه الذين كانوا في القلعة ، ظنوه أنه هو السلطان ، وشعروا بثقة تامة وكبيرة ، لكنهم كانوا قد خدعوا وغدر بهم.
وأقسم الأمير على منحهم أمان جيد ومضمون إلى أن يصلوا إلى عكا ، وهكذا خرجوا من القلعة مع تجهيزاتهم محملة على البغال ، وكانوا جاهزين للذهاب على الفور إلى عكا ، ذلك أنه لم يكن هناك طريق من صفد إلى عكا يستغرق أقل من سفر يوم واحد ، وأخبرهم السلطان أن عليهم الاستراحة تلك الليلة ، وأنه في الصباح سوف يرسلهم إلى عكا ، وقد أرغموا على فعل هذا.
وفي الصباح تدبر اعتقالهم جميعا ، واقتيدوا إلى مسافة ما عن صفد ، إلى رابية صغيرة على بعد حوالي نصف فرسخ ، وهناك جرى إعدامهم بقطع رؤوسهم ، ثم أمر بعمل جدار من حولهم ، وعظامهم ورؤوسهم ما يزال بالإمكان رؤيتها ، وقد قيل ـ وهذا أمر مؤكد ـ بأن نورا من السماء قد أشع فوق أجسادهم مرارا كثيرة ، وقد رأى هذا النور بعض المسلمين وبعض المسيحيين ، وكان بينهم اثنان من الفرنسيسكان اللذان أبقياهم ثابتين متمسكين بالإيمان بالوعظ إليهم ، الوعظ الذي كان مفيدا جدا لنفوسهم.
وبالنسبة للراهب ليو كاسالير ، الذي اقترف هذه الخيانة خوفا من الموت ، فقد ارتد وأصبح مسلما.
والآن سوف أخبركم عن شيء آخر ، فعله السلطان.
٣٤٨ ـ عندما استولى السلطان على قلعة صفد ، كما سمعتم الآن ، غادر وذهب إلى مملكة أرمينيا ، التي تمتلك مدخلا ضيقا جدا ، ومحروسا حراسة جيدة ، ومع ذلك شق طريقه بالقوة ، وجال مدمرا خلال المنطقة كلها ، ناهبا ومخربا كثيرا من القرى ، وآخذا عامة الناس أسرى ، وكان ملك أرمينيا غائبا ، كان قد ذهب لزيارة التتار ، وترك وراءه ابنيه ، اللذان كان اسم الأول منهما طوروس ، واسم الثاني ليون ، وقتل السلطان طوروس ، وأخذ ليون حيا ، وأحضره معه عندما عاد إلى القاهرة ، مع كثير من الناس العظماء والعاديين من رجال المملكة.