وأمّا أرباب الوظائف الدينية :
من : القضاة ، والخطباء ، ووكلاء بيت المال المعمور ، فعقيب الفتح كان بصفد القاضي جلال الدين النهاوندي ، نيابة عن قاضي القضاة إمام الدين أخي قاضي القضاة جلال الدين الخطيب الحاكم بدمشق ، فأقام مدّة طويلة ، ونهاوند بضم النّون ، ثمّ مات فولي القاضي فتح الدين العسقلاني سنة ست وسبعمائة ، نيابة عن قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة الحاكم بدمشق ، ثمّ استقرّ القاضي شرف الدين النّهاوندي قام مدّة ثمّ تنقل في جهات كثيرة : نابلس ، وعجلون ، وطرابلس ، وفي تلك المدّة تولى قاضي القضاة حسام الدين القرمي استقلالا ، ورد على صفد فقيرا صوفيا مجرّدا ، فعرفه نائبها ، فكتب فيه إلى مصر ، فاستقرّ وأقام مدّة ، ثمّ نقل إلى طرابلس وتولّى فتح الدين القيلوني ، وكان كبير القدر ، وله مصنّفات ، فأقام مدّة ، ثمّ توجه إلى مصر رغبة عن القضاء باختياره ، ثمّ تولى قاضي القضاة ناصر الدين الزّرعي ، فأقام مدّة ، ثمّ نقل إلى طرابلس.
فتولى صفد شيخنا قاضي القضاة جمال الدين التبريزي سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة ، وكان من العلماء الفضلاء المتّقين ، له مصنّفات ، فأقام مدّة ، ثمّ توجه إلى مصر ، ثمّ عاد قاضي القضاة النهاوندي إلى القضاء بصفد ، واستمر إلى سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.
ثمّ تولّى شيخنا قاضي القضاة شمس الدين الخضري ، وكان فقيها عظيما جليل القدر ، جميل الذكر ، حسن السّيرة من أجلّ من لقيت ، ومن أكمل من صحبت ، لزمته نحو عشر سنين انتفعت به ، وكان مفننا في العلوم ، آية في التدريس ، دربا بالأحكام موفقا فيها ، فأقام إلى أيام بلك ، ثمّ رغب عن القضاء ، وتوجه إلى دمشق ، وكان سببه أنّ بلك طلب منه قرضا من حر مال الأيتام ، فقال : لا بد من رهن منقول ، فلمّا تحقق أنّه يأخذ منه بلا رهن ، ركب بغلته وتوجّه إلى دمشق ، ورغب عن وظيفته