هلا ذكرت الساتورة وغرائبها المأثورة ، وحلزون البرج الكبير ، وكيف الفارس من أسفله إلى أعلاه يسير ، أنسيت رياض اليكرا ، وما عن شقائقها الملونة يحكا ، والحواكير وبديع أزهارها ، وما يطرب في السّحر من نغمات أطيارها ، هلا ذكرت عمارة الخليفة ، ومصطبتها اللطيفة ، ومنظرها الذي يشرح الصّدور ، ويروي من به البر والبحر ، حتّى يظن الغريب أنّ البحر منه قريب ، أنسيت بركة الدّجاج ، وماؤها الثجّاج ، وسفح القلعة في زمن الربيع ، وما يظهر به من الزّهر البديع ، هلا ذكرت مغارة نبي الله يعقوب ، التي تجلي الهموم ، وتزيل الكروب ، وقد شاع بلا ارتياب أنّ الدّعاء فيه مستجاب ، أنسيت النّابل وكنعان ، وكيف يظهر فيها الأولياء بالعيان ، هلا ذكرت وادي لبيه ونزهته ، ومقام سيدي محمد الكويّس وبهجته ، وحمّامها الجديد ، وعين السّاحة التي هي بيت القصيد ، أنسيت ما قال شرف الدّين حسين بن الكمال (هو جد المؤلف) : شعر :
صفد وطني وبها وطري |
|
روى صفد أوبل المطري |
بلد ما يعد لها بلد |
|
في طيب هوى رطب عطر |
تغدو الأبدان لصحّتها |
|
ولها نور مثل القمر |
تولى ، وهو يقول : هيهات : هيهات ، وحق منى وعرفات ، إنّ هذه الأسماء على غير مسمّيات.
وكان حصنها من أجلّ حصون الافرنج ، وأمنعها ، وأشدّها ضررا على المسلمين وأشنعها ، وكان به طائفة يقال لها الداوية ، نار موقدة وبلية ، عزبان فرسان ، معدودون للغارات على البلدان ، تصل غاراتهم من جهة دمشق إلى داريّا وما يليها ، ومن جهة بيت المقدس إلى كركمة (١٧) ونواحيها ، فيسّر الله عزوجل فتحها على يد الملك الظّاهر بيبرس رحمهالله تعالى ، ورضياللهعنه ، وأثابه الجنّة في رابع عشر شوّال سنة أربع وستّين وستمائة ، بعد أن حصره مدّة طويلة.
ومن محاسن ما اتفق أنّ المسلمين يوم الجمعة بجامع دمشق تضرّعوا