القسم الثاني :
المنسوبون إلى العلم والسّيادة
فمنهم الشيخ نجم الدين ، والد الشيخ كمال الدين خطيب صفد ورئيسها ، وعالمها ومظهر العلم فيها ، انتهت إليه الرّئاسة في بني الكمال ، وحاز من المحاسن ما يقصر عن وصفها المقال ، مولده في رجب سنة ثمان وخمسين وستمائة بكرك الشّوبك ، أيام التّاتار ، ثمّ توجه مع والده إلى صفد ، ونشأ بها ، وقرأ القرآن الكريم ، ثمّ رحل إلى مصر في طلب العلم الشريف ، فتفقه وأتقن علم الأصول على الشيخ شهاب الدين بن النّحّاس ، وحيد عصره ، وأتقن الكتابة بالأقلام المشهورة على الشيخ عماد الدين بن العفيف ، شيخ الكتابة في عصره ، وكان يحفظ القرآن والتّنبيه في الفقه ، والمعالم في الأصلين ، وألفية ابن معطي ، والجمل للزّجّاجي ، والجزليّة في علم النّحو ، والمقامات الحريرية ، والخطب النباتية ، ويحفظ العين ، والمنطق ، ومن الحماسه نحو ألفي بيت ، إلى غير ذلك من أشعار المغاربة ورسائلهم ، ومن أشعار غيرهم مثل : أبي تمّام ، والمتنبّي وغيرهما من الشّاميين ، والمصريين ، والمشارقة ، فحضر من مصر وقد حصّل ، واجتمع بالأطواد من علماء تلك البلاد ، ثمّ رحل إلى دمشق فلقي جماعة من أئمّة العلماء : كالشيخ رضي الدين ، والنّعمان فذاكرهما ، وأخذ عنهما ما أخذ من علم المنطق ، فحصل له التّفنّن في علم الشّريعة ، والعقلية ، والأدبيّة ، وأوتى قوّة عظيمة في البحث ، فكان حسن الصّمت فصيح اللسان ، وحيدا في الخطابة لم يكن في عصره ، على ما ذكر ، أخطب منه ، ولمّا قدم الأمير فارس الدين الألبكي إلى نيابة صفد اشتمل عليه وأحبّه ، فرتبه في وظيفة كتابة السّر بصفد ، ولم يكن قبله في هذه الوظيفة أحد ، بل عملت لأجله ، فباشرها مبسوط القلم واللسان مدّة نيابة المذكور ، فلمّا كانت نيابة سيف الدين كراي المنصوري باشر معه ، فاطّلع على علمه وضبطه وديانته ، فعظم عنده ، وألقى إليه مقاليد الأمور ، واعتمد