الجزيل ، الشيخ غرس الدين خليل ، عرف بابن الفقيه ، تخرّج به وبرع وقرأ القرآن فأفر ـ ، وجمع ثمّ لزم العزلة وجعل اجتهاده لله.
وأمّا الرؤساء وأهل السيادة من الصفديين :
فمنهم الأمير حسام الدين حسن بن المنتخب اسباسلار ، كان من العلماء الأكابر ، والفضلاء الأماثل له مصنّفات جليلة ، وقصائد بديعيّة ، وعارض الحريري في المقامات ، فعمل خمسين مقامة على منوالها وربّما فضلت عليها لمحاسن وقف عليها وقال ، أولها : شعر :
لإن حكت ألفاظا وأصبحت ناسخا |
|
برود يمان فالحريري أفخر |
ومن أصحابه المتأدّبين بآدابه ابن أخيه ناصر الدين اسباسلار ، صاحب المهابة والأنوار ، أحد الفضلاء ، وقدوة العقلاء ، وشرف البلغاء ، ورئيس الرؤساء اجتمعت فيه صفات جليلة ، ومناقب جميلة ، أدركته وصحبته ، فما فارقني ولا فارقته ، وكان لا يجتمع بأحد ، ولا يخرج من القلعة إلّا في ثاني يوم العيد ، فأجلس في خدمته على سفح القلعة مع جماعة من مشايخها ورتوتها (٣٢) ننظر الناس من بعيد ، ونتذاكر ما ينفع ويفيد ، فلمّا كبر سنّه ، وضعف عن الحركة أتيناه في بعض الأعياد على العادة ، وسألناه التّشريف للإفادة ، فقال : اعذروني وأنا أحكي لكم حكاية لطيفة نافعة ظريفة ، فقلنا : احكي فبكى ، ثمّ حكى قال : كنّا نصحب شيخنا بدمشق من السادات الأكابر يقال له الشيخ كمال الدين بن الأعمى ، وله عادة يخرج معنا إلى وادي الغياض بدمشق في أيام الزّهر ، فأتيناه في بعض السنين فسألناه في اجرائنا على ما اعتدنا فقال : قد فتح بأبيات ، فاسمعوها منّي ، واقبلوا عذري وانصرفوا عنّي فقلنا : قل وتفضّل بإفادتك على جاري عادتك فأنشأ يقول : شعر :