أمّا الغياض فإنّ عندي شاغل |
|
عنها لعظم بليتي ومصابي |
ما كنت أنظرها فأدرك حسنها |
|
إلّا بأعين رفقتي وصحابي |
ماتوا وشبت فما انتفاعي بالربا |
|
بعد المشيب وفرقة الأحبابي |
قلنا : هذا ما قاله هو ، فأنت ما قلت؟ قال : قلت :
يا أخلاني وإخوان الصّفا |
|
دعوة من موجع القلب مصاب |
خلني وازور عني أربع |
|
فمصابي بهم أيّ مصاب |
خانني سمعي وأيضا بصري |
|
قد تولى ثمر نابي ونصابي |
فقلنا : بالله هل عذرتموه وتركتموه؟ فقال : لا والله ، فقلنا : نحن نأخذك كما أخذتموه ، فقام معنا جبرا ، وقال : صبرا على حكم الإخوان صبرا ، وأمّا صبره وثباته فما بعده غاية ، كان له ولد نجيب وصل ثلاثين سنة ، فمات ليلا ، ولم يظهر له خبر ، ولا سمع بداره صياح ، فمررت عليه فوجدته بين أصحابه على عادته ، لم أنكر شيئا من حاله ، فقال : ألك ضرورة ، أو تجلس عندنا؟ فقلت : هل من حاجة؟ فقال : مات مملوكك محمد ، ولا بأس بصلاتك عليه ، فقلت الله أكبر ، وجلست عنده متعجّبا من صبره الأوفر ، وكان المقر العلمي الجاولي العظيم الشّأن قديما في ملكه ، فلمّا صار إلى ما صار عليه سأله المصير إليه فاعتذر ، وتأخّر ، فرتّب له جملة تحمل في كلّ سنة إليه.
وكان أخوه علاء الدين من سادات المسلمين ، كثير الورع والديانة عظيم العفّة والصيانة.
ومنهم رفيقه وصاحبه وصديقه ، علاء الدين بن حجي اسباسلار ، كان من السادات الأخيار في المكارم كحاتم ، وعلى الجود ملازم ، معدود من ذوي المروءات مقصود للصّدقات ، برّه شامل ، وفضله كامل ، وعقله تام ، وجوده عام ، الفقراء والغرباء يهرعون إليه ، والملوك والأمراء