يحتاجون إليه ، ولمّا اشتهر بالمكارم والرّفد ، حصل لبعض المتوكّلين شيء من الجهد ، وكان يتفقّده في جميع الحالات ، وقال له أهله : أعلم ابن حجي فقد حصلت الضرورات فقال :
يقولون لي الأهلون قد زاد ضرّنا |
|
فقل لابن حجّي يكشف اليوم ما بنا |
فقلت لهم صونوا لوجهي واصبروا |
|
وقوموا اسألوا ربّ حجّي وربّنا |
فسمع خبره فأزال ضرّه ، ولو استقصيت أحواله وأخباره في الجود ، لخرجت عن المقصود ، فإنّ له عليّ من الإحسان ما الله عنه مجازيه في الجنان ، رأيته بعد وفاته بمنامي ، وكأنّي في الجنّة ، فجئت إلى مكاني بدهليز ، فبهت فيه ووقفت أتأمّله ، وإذا بشخص قد اعتنقني ، وإذا به ابن حجّي المذكور ، فسررت به ، فقلت : ما فعل الله بك؟ فقال : أكرمني وغفر لي وأدخلني الجنّة ، ثمّ رأيت معه جملة مفاتيح ، قلت : ما هذه المفاتيح؟ فقال : أحضرني ربي بين يديه ، وقال لي : أنت كنت تحب في أن يكون لك في الدنيا كلام ، وهذه مفاتيح الجنّة تكون معك.
ومن أصحاب المروءات المقصودين في المهمّات والذّكاء الموصوف بالفصاحة والخبرة بالأشياء ، جبل على الألمعية (٣٣) ، وخلق الأريحة ، بابه مفتوح ، ونواله ممنوح ، يطلب للمشكلات يحملها ويندب للمعضلات فيسهّلها ، وهو للضّعفاء والملهوفين أشفق مساعد وخير معين.
ومنهم الصادق في الأخوّة ، الفائق في المروءة ، المعروف بابن الصّايغ ، كثير المواهب والصدق ، كان من عقلاء الأنام ، ودهاة الإسلام مع الدين والعفاف والمكارم والإنصاف ، أعظم من رأيت وفاء صحبته ، وأغزرهم مروءة ، يضر نفسه لمصلحة أصحابه ، ويبذل ماله في مصالح أحبابه ، ولا يتأخّر عن ملهوف يأوي إلى جنابه ، ولا يؤاخذ من جنى عليه ، ولا يشغل بعتابه لا جرم ازدحام الناس على بابه هذا من الحيرة يستشير ، وهذا يشكو إليه عدم المسيرة ، وكان للفقير بالجامع أعظم معين ونافع ،