ومنهم صاحب الذّكاء والفطنة ، والمكارم والحشمة ، القاضي زين الدين بن حلاوات صاحب التسهيل والمروءات ، كان تاجرا من أصحاب الثّروات ، فصحب الشيخ نجم الدين ، فتخرّج به سنين ، حتّى صار من فضلاء الموقعين ، زرعه الشيخ نجم الدين فقلعه وثبّته ، فانتزعه ، ودخل في النّواب ، وجعل بينه وبينهم سورا من الذّهب ، ليس له باب ، باطنه الغدر ، وظاهره العتاب ، فوفّق الله الشيخ إلى الصّواب ، وعجّل له الرّاحة في الدنيا والسلامة في المآب ، وجمع خاطره فأفاد المسلمين ونفع.
ومنهم علم الأجواد والأخيار ، وبقيّة السّلف الأبرار ، ومحلل المشكلات عند الاضرار ، الشيخ برهان الدين خطيب جامع الجوكندار ، من أصحابه وإخوانه ، وأصهاره ، وأنصاره ، وأعوانه محيي الليل بالقيام ، ومعفر الوجه في الظّلام ، كثير الاستغفار ، فتحققت أنّه من الأخيار ، وحضرته عند الموت فقال : رأيت الساعة منزلتي في الجنّة ، أنا رائح إلى رحمة العزيز الغفّار ، ثم تشهّد ، ومات من ساعته تغمّده الله برحمته.
ومنهم القاضي الفاضل الرئيس الكامل زين الدين عمر بن داود اليثني بديع الصّفات ، كثير الافادات ، متشابه كالأعلام ، وإفاداته كالغمام ، وكلماته كالحسام ، صحب الشيخ نجم الدين ، فبرع في أقرب حين ، ثمّ رحل وقد تمكّن من الفضيلة أيّ تمكين ، فوصل إلى الدّيار المصرية ، فأوى إلى الظّلال العليّة ، وخدم ابن فضل الله صاحب دواوين الانشاء بالممالك الإسلامية ، فجبره وأكرمه ورفعه وقدّمه ، وصار ممّن يشار إليه ويعوّل في المهمّات عليه ، ولكنّه كالمطلب يؤمل فيرقب ثمّ يكون كالدب لا يجلب ولا يركب ، وكل من أصحابه عليه يعتب ، إلّا أنّه عديم الأذى صبور على القذى.
ومن أخصّاء أصحابه وأعزّ أحبابه وأولى الناس به صاحب الفضائل المعروفة واللطائف الموصوفة ، الشيخ صلاح الدين ابن أيبك الصّفدي ،