فى مصالح رعيته واجتناب ما يخاف منه تولد ضرر عليهم فى دين أو دنيا إلا الأمور الشرعية كأخذ الزكاة وإقامة الحد ومنها تألف قلوبهم وحسن حياطتهم وأن لا ينفروا ولا يتعرضوا لما يخاف تنفيرهم بسببه ما لم يكن فيه ترك أمر شرعى انتهى. ولعل الخلفاء رضى الله عنهم رأوا ما رأى النبى صلىاللهعليهوسلم فى ترك تغيير بناء قريش.
وأما الجواب عن إقرار النبى صلىاللهعليهوسلم والخلفاء الراشدين لقريش فى تغيير بناء الكعبة وفتح هذا الباب المستعلى فى جدار الكعبة ودخولهم منه ، وكذا ما فعله الحجاج اقتفاء لآثارهم فقد تكفل به الإمام السبكى فقال فى رسالته التى سماها منع الاستطراق من الباب المستحق الإغلاق : وهو أنه إذا كان الفتح فى الأصل حراما فهل يجوز الاستطراق فيه بعد الفتح؟ قال ولا نقل عندى فى مثله ، والذى أقوله أنه حيث جاز الفتح جاز الاستطراق بلا إشكال وحيث لم يجز الفتح فقد حضرنى فى نظرى فى ذلك باب الكعبة الذى هو اليوم فهو أحدثته قريش بدلا عن الباب التحتانى الذى كان فى زمن الخليل صلىاللهعليهوسلم وقد دخل النبى صلىاللهعليهوسلم منه ، وحضرنى فى الجواب عنه أن دخول الكعبة مشروع سنة وربما كان واجبا فلا يترك لفعل قريش ، ولم يكن تغيير ذلك الباب ممكنا لما قال صلىاللهعليهوسلم لو لا حدثان عهد قومك فاجتمع فى باب الكعبة أمران أحدهما جواز إبقائه فى ذلك الوقت ، والثانى : الحاجة إلى دخول الكعبة إقامة للشرع المسنون أو الواجب وهكذا الآن فإن الإجماع انعقد على عدم جواز تغييرها ، وفكرت أيضا فى أن الحجر من البيت ، وقد أفرد عنه بيتا لطيفا فيه فتحتان شرقية وغربية فى جنوبه ملاصقان لجهة الكعبة ، والمعنى الثانى موجود فيه وهو أنه يجوز إبقاؤه ولا يجوز تغييره كالكعبة والدخول فيه من إحدى الفتحتين أو من فوق جداره اللطيف كالظن أحدا يمنع منه ، ولا أدرى هل دخله النبى صلىاللهعليهوسلم أو لا؟ ولكن جاء فى الترمذى أنه قال لعائشة : «صل فيه» فإن دعت حاجة إلى الدخول فيه جاز الدخول كالكعبة لاجتماع المعنيين وإن لم تدع حاجة احتمل أن يقول بالجواز لأجل جواز الإبقاء ، وهذا هو الظاهر للحديث المذكور ، واحتمل التوقف لعدم الحاجة ، وهذا بعيد والقول به محوج إلى أن لعائشة عذرا إن صح الحديث انتهى كلام السبكى.