نزلت به هاجر وولدها إسماعيل حين أنزلهما الخليل صلىاللهعليهوسلم به ، وأمر هاجر أن تجعل عريشا فجعلت عريشا فى موضع الحجر من سمر وتمام ألقته عليه ، ومع هذا هل كان له حكم المسجد أولا ، مقتضى ما أخرجه الأزرقى بسنده إلى أبى هريرة رضى الله عنه أنه من المسجد ؛ لأنه قال : إنا لنجد فى كتاب الله أن حد المسجد الحرام الخرورة إلى المسعى ، وأخرج أيضا بسنده إلى عمرو بن العاص رضى الله عنه أنه قال أساس المسجد الحرام الذى وضعه إبراهيم عليهالسلام من الخرورة إلى المسعى إلى مخرج مسيل أجياد ، ثم قال : والمهدى وضع المسجد على المسعى ، انتهى كلامه. ولنا فى ذلك بحث يأتى الكلام عليه بعد ذلك وعندى فى هذا شئ.
وأما الجواب عن فعل هذا الجدار المميز للحجر من المسجد فقد ذكر الدمامينى فى تعليق المصابيح على أبواب الجامع الصحيح أن المنقول أنه لم يكن حول الكعبة حائط يحجز الحجر من سائر المسجد حتى حجزه عمر رضى الله عنه بالبنيان ، ولم يبنه على الجدار الذى كان علامته أساس إبراهيم عليهالسلام بأن زاد ووسع قطعا للشك ، وصار الجدار فى داخل التحجيز ، فلذلك حرر جرير بأن فى الحجر من البيت ستة أذرع أو نحوها ولم يقطع به ، انتهى. لكن رويت فى تاريخ القطبى أن قريشا جعلت عليه حائطا قصيرا علامة على أنه من الكعبة ، فأزال عبد الله ابن الزبير رضى الله عنهما ذلك الوضع وأعادها على ما كانت عليه زمن الجاهلية ، والظاهر أن الحق ما قاله الدمامينى بأن الفاعل لذلك إنما هو عمر رضى الله عنه.
وأما الجواب عن كون قبر إسماعيل صلىاللهعليهوسلم بالحجر مع أمه هاجر مع لزوم مالزم فى السؤال فهو أن الشيخ الزركشى ذكر فى كتابه إعلام الساجد بأحكام المساجد (١) أن الصلاة وإن كانت مكروهة فى المقابر ـ كما جاء فى الحديث ونص عليه الفقهاء ـ لكن يستثنى منه مقابر الأنبياء صلوات الله عليهم وإن لم يصرح به الفقهاء ؛ لأن الله تعالى عظم ذواتهم الشريفة عن أكل الأرض ، وإنما ذكرت هذا لأن البيهقى ذكر فى كتاب مناقب أحمد بن حنبل وهو كثير الفوائد
__________________
(١) ص ٥٦.