إليه مالك ، فقال : يا أمير المؤمنين إنك تدخل الآن المدينة فتمر بقوم عن يمينك ويسارك وهم أولاد المهاجرين والأنصار ، فسلم عليهم ، فإن ما على وجه الأرض قوم خير من أهل المدينة ، قال : ومن أين لك ذلك يا أبا عبد الله؟ ، فقال : لأنه لا يعرف قبر نبى اليوم على وجه الأرض غير قبر محمد صلىاللهعليهوسلم ، ومن كان قبر محمد صلىاللهعليهوسلم عندهم فينبغى أن يعرف فضلهم على غيرهم ، ففعل المهدى ما أمره به انتهى. ومثله يقال فى قبر سيدنا إسماعيل صلىاللهعليهوسلم ومن ذكر معه من الأنبياء أن عين قبره وقبرهم لا تعلم ولهذا وقع الخلاف فى محل قبر سيدنا إسماعيل صلىاللهعليهوسلم هل هو فى الحجر أو فى الحطيم كما تقدم؟ نعم هو فى الحرم الشريف ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : قال عبد العزيز الكتانى المحدث المعروف ، ليس فى قبور الأنبياء ما يثبت إلا قبر نبينا صلىاللهعليهوسلم ، قال غيره : وقبر الخليل صلىاللهعليهوسلم أيضا ، قال : وسبب اضطراب العلم بأمر القبور أن ضبط ذلك ليس من الدين فإن النبى صلىاللهعليهوسلم قد نهى أن تتخذ القبور مساجدا فلما لم يكن معرفة ذلك من الدين لم يجب ضبطه ، وقد كذبوا على المشاهد المضافة إلى الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم مثل كذبهم على القبر الذى فى قبل جامع دمشق الذى يقال أنه قبر هود ، وإنما هو قبر معاوية رضى الله عنه دفنوه داخل الحائط القبلى من المسجد بدمشق فى قصر الإمارة الذى كان يقال له الخضراء ، وهو الذى تسميه العامة قبر هود وهود باتفاق العلماء لم يجئ إلى دمشق ، بل قبره ببلاد اليمن حيث بعث ، وقيل بمكة حيث هاجر ، ولم يقل أحد إنه بدمشق ، وإنما دفن معاوية رضى الله عنه فى ذلك المحل خوفا عليه من الخوارج ، ولهذا كتموا قبر على وعمرو بن العاص رضى الله عنهما ، وقد كذبوا أيضا على قبر سيدنا نوح صلىاللهعليهوسلم فقالوا إنه القبر الكائن قريبا من بعلبك فى سطح جبل لبنان ، انتهى كلام الإمام (١) ابن تيمية رحمهالله تعالى.
قلت فى الجواب الذى أجاب به الزركشى من استثناء قبور الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم من كراهة الصلاة بها نظر ، وذلك لما قاله الأذرعى من أنه يجب الجزم بتحريم الصلاة إلى قبور الأنبياء والأولياء تبركا وإعظاما ، وفى التتمة أن الصلاة إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم حرام ، قال الأذرعى ، : وينبغى أن لا
__________________
(١) انظر اقتضاء الصراط المستقيم ص ١٢٠