يختص هذا بقبره الكريم بل هو كما ذكرنا ، وعجب قول النووى فى التحقيق تحرم الصلاة متوجها إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتكره إلى غيره انتهى. وذلك لما جاء فى الحديث الشريف كما فى الصحيحين أيضا عن عائشة وابن عباس قالا : نزل برسول الله صلىاللهعليهوسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك : «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» يحذر ما صنعوا ، وفى الصحيحين أيضا عن عائشة قالت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى مرضه الذى لم يقم منه : «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» ولو لا ذلك أبرز قبره غير أنه خشى أن يتخذ مسجدا ، وفى صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله قال سمعت النبى صلىاللهعليهوسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول : «إنى أبرأ إلى الله أن يكون لى منكم خليل فإن الله قد اتخذنى خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ، ولو كنت متخذا من أمتى خليلا ، لاتخذت أبا بكر خليلا ، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إنى أنهاكم عن ذلك» ، وفى صحيح مسلم عن أبى مرثد الغنوى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها» ، وعن أبى سعيد الخدرى قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «الأرض كلها مسجدا إلا المقبرة والحمام» رواه أهل السنن وأبو داود (١) والترمذى وابن ماجة وعلله بعضهم بأنه روى مرسلا وصححه الحفاظ ، وفى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها قالت : لما اشتكى النبى صلىاللهعليهوسلم ذكر بعض نسائه كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها مارية ، وكانت أم سلمة وأم حبيبة أتتا أرض الحبشة فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها ، فرفع رسول الله صلىاللهعليهوسلم رأسه فقال : أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تلك الصورة وأولئك شرار الخلق عند الله.
وعن ابن عباس قال : لعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد ، وفى موطأ مالك عن النبى صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «اللهم لا تجعل قبرى عيدا ولا تتخذوا بيوتكم مقابر» ، وقد صرحت عائشة رضى الله عنها أنه لو لا ذلك ـ أى اتخاذ قبره مسجدا ـ لأبرز قبره الشريف ولكن كره أن يتخذ مسجدا ، قال شيخ الإسلام ابن قدامة الحنبلى : فدفننته الصحابة رضى الله عنهم فى موضعه الذى
__________________
(١) فى كتاب الجنائز.