جعفر العابدى وجعلوا المسعى والوادى فيها انتهى. ونقل الأزرقى (١) ذلك عن جده خلا قوله : فاشتروا الدور ، إلى آخره ، والظاهر والله أعلم إجزاء السعى بموضع المسعى اليوم وإن كان تغيير بعضه عن موضع السعى ، قبله لتوالى الناس من العلماء وغيرهم على السعى بموضع السعى اليوم ، ولا خفاء فى تواليهم على ذلك ، كما لا خفاء فى شهرة كتاب الأزرقى شرقا وغربا وإحاطة العلماء المتأخرين عنه بما فيه سيما علماء الحرم ، ولو سلم أن من تأخر عن الأزرقى لم يعلموا بما فى كتابه فهو معروف عند علماء الحرم وغيرهم ممن وقع ذلك التغيير من زمنه لمشاهدتهم له ، وما حفظ عن أحد منهم إنكار لذلك ، ولا أنه يسعى فى غير المسعى اليوم ، وحال من بعد هؤلاء من العلماء كحالهم لهم إلا فى عدم مشاهدتهم لتغيير ذلك ، فيكون إجزاء السعى محل المسعى اليوم مجمعا عليه عند من وقع التغيير فى زمنه وعند من بعدهم والله أعلم ، انتهى كلام الإمام التقى الفاسى فى تاريخه. والعجب كل العجب من القطبى مع اطلاعه على كلام الإمام الفاسى حيث نسب هذا الإشكال لنفسه وأنه تفرد به وأنه لم ير من تعرض له مع أن الإمام الفاسى (٢) أشار إلى جوابه بأن العلماء لم ينكروا ذلك وحيث لم ينكروا ذلك فالظاهر إجزاء السعى بموضع المسعى اليوم وإن كان تغير بعضه عن موضع السعى قبله لكن ما ذكره القطبى فى جوابه كالبسط لما أجمله التقى فى جوابه وعبارة القطبى ، وههنا إشكال عظيم ما رأيت من تعرض له وهو أن السعى بين الصفا والمروة من الأمور التعبدية التى أوحاها الله تعالى علينا فى ذلك المكان المخصوص الذى سعى فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وعلى ما ذكره هؤلاء الشقاة أدخل ذلك فى المسعى فى الحرم الشريف وحول ذلك المسعى إلى دار ابن عباد كما تقدم ، وأما المكان الذى يسعى فيه من الآن فلا يتحقق أنه بعض من المسعى الذى فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم أو غيره ، فكيف يصح السعى فيه وقد حول عن محله كما ذكره هؤلاء الشقاة؟ ولعل الجواب عن ذلك أن المسعى فى عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان عريضا وبنيت تلك الدور بعد ذلك فى بعض عرض المسعى القديم فهدمها المهدى وأدخل بعضها فى المسجد الحرام وترك بعضها للسعى فيه ولم
__________________
(١) أخبار مكة ١ / ٥٦.
(٢) شفاء الغرام ١ / ٩١.