بعد ذلك دحاها». والمعنى إيتيا على ما يتبقى أن فليه من الشكل والوصف ايتى يا أرض مدحوة قرارا ومهادا ، وايتى يا سما سقفا لهم إلى آخره ، أن لا يكون أيام خلق الأرض وما فيها الأربعة متصلة على خلق جرم الأرض فى يومين ، وهما : يوم الأحد ويوم الإثنين ثم خلق السماء فى يومين هما : يوم الخميس ويوم الجمعة ثم دحا الأرض وخلق ما فيها من جبال وغيره فى يومين آخرين وهما يوم الثلاثاء والأربعاء فيلزم أن تكون تلك الأيام من جمعتين وفيه خفا وإنما قلنا ذلك لأن فى الأرض من جبال وشجر وغير ذلك إنما يكون بعد دحوها لا قبله ، فحيث كان المتقدم خلق جرم الأرض ، ويليه خلق السماء ، ويليه دحو الأرض ، لزم من ذلك تأخر خلق ما فيها عن دحوها ، ويلزمه ما تقدم من عدم اتصال أيام خلق الأرض وما فيها بخلافه على كلام القاضى ، فان أيام خلق الأرض وما فيها متصلة واقعة. بعد خلق السماء ثم رأيت فى كلام بعضهم أن الذاهبين إلى أن المتأخر دحو الأرض قائلون أن خلق الأرض وما فيها متقدم والمتأخر دحوها وبسطها فقط ، وصريح قوله تعالي : «أخرج منها ماءها ومرعاها» يفيد تأخر ذلك وإن قيل بأن أخرج منها ماءها ومرعاها تفسير وتبيين لقوله تعالى : (دَحاها) من عند قول القائلين المتأخر الدحو بمعنى البسط أى بسطها ومدها للسكن. انتهى وأقول ما قاله من أن القائلين بأن المتأخر دحو الأرض قائلون أن خلق الأرض وما فيها متقدم ، والمتأخر فدحوها وبسطها فقط ، يرده ما تقدم لكن عمن الاتفاق من كلام ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ وتوضيح الحافظ ابن حجر له حيث قال ابن عباس : والأرض بعد ذلك دحاها يقول جعل فيها جبلا ، وجعل فيها نهرا ، وجعل فيها بحرا وجعل فيها بحورا ، قال الحافظ وحاصله أنه بدأ خلق الأرض غير مدحوه فى يومين ثم خلق السموات فسواهن فى يومين ثم دحى الأرض بعد ذلك وجعل فيها رواسى وغيرها فى يومين. انتهى وهذا صريح فى أن أيام خلق الأرض وما فيها الأربعة غير متصلة وهذا يرد كلام هذا القائل فتأمل واعلم أن صريح الآيات أن السنة طرق لخلق السموات والأرض وما فيها المصرح به فى حم فصلت ، وهو أن السموات خلقت فى يومين ، والأرض فى يومين وما عليها من أنواع الحيوان والنبات ، وغير ذلك فى يومين وحينئذ فمعنى قوله تعالى : (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها