على جبينه كالهلال واشتدت شعاعها على الكعبة مثل السراج فقال : ارجعوا فقد كفيتم فو الله ما استدار هذا النور منى إلا أن يكون الظفر لنا فرجعوا ثم أرسل أبرهة رجلا لسيدهم وهو عبد المطلب ليخبره بأن لا حاجة له به ما يهم وإنما غرضه تخريب الكعبة فإن مكنتمونى نجوتم ، فقال له عبد المطلب : لا طاقة لنا بحربه ، والبيت بيت الله فإن منعه فهو بيته ثم طلب سيد أهل مكة فأخذ عبد المطلب مع جماعة من قومه فتوصل عبد المطلب إلى الملك باينس سايس الفيل الأعظم فى أن يتلطف فى وصوله إلى أبرهة ويلاحظه عنده وكان عبد المطلب أفرس أهل زمانه وأجلهم وأهيبهم طلعه فكلمه أنيس سايس الفيل فى أمر ، وذكر له شرفه فى قريش ، فأمر أبرهة أن يعرض عبد المطلب على محمود الفيل الأعظم قبل دخوله عليه إرعابا وتخويفا فإن العرب لم تكن تعرف الأفيال ، ولا هى بأرضها فأراد تقديم الإرهاب لعبد المطلب ليشتد خوفه ، وكانت الأفيال كلها تسجد لأبرهة إلا الفيل الأعظم محمود فيل النجاشى فلم يكن يسجد له لأنه لم يتمرن عليه ، ولا يسجد لغير النجاشى ، فلما دخل عبد المطلب عليها سجدت كلها وخر الفيل الأكبر ساجدا وقال : السلام على النور الذى فى ظهرك يا عبد المطلب وذل له أبلغ مما كان يصنع النجاشى فبلغ ذلك أبرهة فغضب ثم تطير وسأل كهنته فقيل له : إنما سجدت لما كان فى وجهه من نور نبى قد أظل زمانه وفى رواية أن رسول أبرهة لما دخل مكة ورأى وجه عبد المطلب خضع له وتلجلج لسان وخر مغشيا عليه وخار كما يخور الثور عند ذبحه فلما أفاق خر ساجدا لعبد المطلب وقال : أشهد أنك سيد قريش حقا ثم أمر أبرهة بإدخال عبد المطلب عليه فلما رآه ألقيت له الهيبة فى قلبه فنزل عن سريره تعظيما له وجلس معه على بساط ثم قال له ما حاجتك قال أن ترد علىّ إبلى فقال له كنت أعجبتنى ثم زهدت فيك تكلمنى فى إبلك دون بيت هو دينك ودين آبائك ، فقال أما الإبل فأنا ربها ، وأما البيت فله رب يحميه فقال لم يكن ليمتنع منى مع كثرة جيوش فقال : أنت وذلك فرد عليه إبله فرجع إلى مكة ثم أخذ بحلقة الكعبة ودعا والناس يؤمنون على دعائه ثم أمر الناس بالتحصن فى الجبال خوفا عليهم من الجيش فتحروا فى شعف الجبال