الوبيل فنقول إن أرباط كان ملكه النجاشى اليمن فكان يعظم الأغنياء ويذل الفقراء فقتله أبرهة ابن الصباخ الأشرم فولاه النجاشى بعد ما سخط عليه ورضى عنه ، فأقام بصنعاء فرأى الناس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة ، فقال : أين تذهبون قالوا : إلى البيت الحرام قال : وما هذا البيت؟ قالوا بيت بناه إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام قال : وبأى شىء هو مبنى؟ قالوا : بالطين والحجارة فقال وحق المسيح لأبنين لكم بيتا خيرا منه فبنى كنيسة بصنعاء لم يبن فى زمانها مثلها ، بناها بالرخام وزخرفها بالذهب والفضة والجواهر واليواقيت ، ولطخ حيطانها بالمسك وجعل فى أرضها الزعفران ، وجعل على أبوابها الذهب والفضة ، وجعل فى أعلاها قبة عظيمة من عجائب الدنيا وعمل على رأسها ياقوتة حمراء تضىء ملك الناحية فى الليل منها وعلى أبوابها الستور والأحجبة والسدنة وسماها (الفليس) وأمر الناس لحجها وقال أطال الأزرقى فى تاريخ مكة فى وصفها وأنه بناها من صرح بلقيس وأطال فى بيان ذلك فليراجع ، وقد ذكرها الجوهرى فقال : والفليس بيعة كانت بصنعاء الحبشة بناها أبرهة وهدمتها حمير وكتب إلى النجاشى قد بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها ، ولست بمنته حتى أنقل إليها حج العرب ثم منع أهل اليمن من الحج إلى مكة فأقاموا سنتين فجاء رجل من بنى كنانة فأحدث فيها فسمع بذلك ، وأنه تعمد ذلك رجل من العرب أزورا بكنيسته وأنها ليست أهلا لما قصد قبل أعجبت رفقة من العرب نارا فحملتها الريح فأحرقتها فغضب وحلف ليسيرن إلى كعبة العرب ويهدمها فكتب أبرهة إلى النجاشى يطلب فيله الأعظم ، واسمه محمود ولم يكن فى زمانه أقوى ولا أعظم منه ، فبعث به إليه قيل بانفراده وقيل معه غيره من الفيلة واختلف فى عدتها فقيل ثمانية وقيل اثنا عشرة وقيل ثلاثة عشر ثم أمر الحبشة فتهيأت وسار معه من العساكر بما يزيد على ستين ألف مقاتل وكان ذلك قبل ولادته صلىاللهعليهوسلم بخمسة أشهر وقيل بخمسين يوما وقيل فى يوم ولادته ، وعند ذلك خرج عليه ملوك فقهرهم وأشرهم إلى أن قرب من المغمس عند عرفة ، فبلغ ذلك عبد المطلب فقال : يا معشر قريش لا يصل لهدم البيت إن له ربا يحميه ، ثم أرسل أبرهة خيلا ، واستاقت إبل قريش وغيرهم ولعبد المطلب فيها أربعمائة ناقة فركب فى قريش حتى بلغ خيل نبير فاستدارت دائرة غرة رسول الله صلىاللهعليهوسلم