بابها صفائح والميزاب وعلى الأساطين التى فى بطنها والأركان ستة وثلاثون ألف دينار بعث بها إلى خالد بن عبد العزيز والى مكة المشرفة وفى خلافة الأمين زيد عليها ثمانية عشر ألف دينار ، وأول من فرشها الوليد بن عبد الملك ولما عمل الوليد ذلك كانت أئمة الإسلام من التابعين موجودين وبقايا الصحابة رضى الله عنهم ، ولم ينقل لنا عن أحد منهم أنه أنكر ذلك ثم جميع علماء الإسلام والصالحين وسائر المسلمين يحجون ويبصرون ذلك ولا ينكرون على ممر الأعصار فالقول بمنع ذلك عجيب جدا ، على أنه قل من تعرض لذكر هذا الحكم فى الكعبة بخصوصها ، ورأيتها أيضا فى كتب المالكية فى الذخيرة القرافية وليس فى كلامه تصريح بالتحريم وهذا الذى قلته كله فى تحلية الكعبة بخصوصها بصفائح الذهب والفضة ونحوهما فليضبط ذلك ولا يتعدى ، ولا أمنع من جريان الخلاف فى التمويه والزخرفة فيها ؛ لأن التمويه يزيل مالية النقدين الذين هما قيم الأشياء ، وتضييق النقدين محذور لتضييقه المعايش وإعلائه الأسعار وإفساد المالية ، ولا أمنع من جريان الخلاف أيضا فى سائر المساجد فى القسمين جميعا التمويه والتحلية ؛ لأن القاضى حسين جزم بحل تحلية المسجد بالقناديل الذهب ونحوها ، وأن حكمها حكم الحلى المباح ، وهذا أرجح مما قاله الرافعى ؛ لأنه ليس على تحريمها دليل ، والحرام من الذهب إنما هو استعمال الذكور له والأكل والشرب ونحوهما من الاستعمال من أوانيه وليس فى تحلية المسجد بالقناديل الذهب ونحوها شيء من ذلك ، وقد قال الغزالى رحمهالله فى الفتاوى : الذى يتبين لى أن من كتب القرآن بالذهب فقد أحسن ولا زكاة فيه عليه ، فلم يثبت فى الذهب إلا تحريمه على ذكور الأمة فيما ينسب إلى الذكور وهذا لا ينسب إلى الذكور ، فيبقى على أصل الحل ما لم ينته إلى الإسراف ، فإن كل ذلك حرام. وليس فيه ما ينسب إلى الذكور حتى يحكم بالتحريم ، ولست أقول هذا عن رأى مجرد ، لكن رأيت فى كلام بعض الأصحاب ما دل على جوازه ، فهذا كلام الغزالى فى الكتابة بالذهب ، وفى ذلك ما ذكرناه من تضييق النقدين لزوال مالية الذهب بالكلية بخلاف التحلية بذهب باق ، فقد ظهر بهذا أن تحلية الكعبة بالذهب والفضة جائز والمنع منه بعيد شاذ