أخبرنا أبو منصور محمّد بن علي ، نا أبو بكر أحمد بن الحافظ ، أخبرنا إسماعيل بن الحيري ، أنا محمّد بن الحسن قال : سمعت عبد الواحد بن علي يقول : سمعت عبد الله بن إبراهيم السّوسي يقول : لما حضرت سريا السّقطي الوفاة قال له الجنيد : يا سري لا يرون بعدك مثلك ، قال : ولا ألطف عليهم بعدي مثلك.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور قال : حدّثنا وأبو النجم بدر بن عبد الله قال : أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو نعيم الحافظ (١) ، أنبأنا أبو (٢) جعفر الخلدي في كتابه قال : سمعت الجنيد بن محمّد يقول : كنت أعود السّري في كل ثلاثة أيام عيادة السنّة ، فدخلت عليه وهو يجود بنفسه ، فجلست عند رأسه فبكيت وسقط من دموعي على خده ، ففتح عينيه ونظر إليّ فقلت له : أوصني فقال : لا تصحب الأشرار ، ولا تشتغل عن الله بمجالسة الأخيار.
كتب إليّ أبو بكر (٣) عبد الغفار بن محمّد الشيروي ، وحدّثنا أبو محمّد بن طاوس ـ إملاء وقراءة عنه ـ أنا أبو سعيد فضل الله بن أحمد بن محمّد الميهني (٤) ـ وهو شيخ زمانه ـ قال : وسمعت أبا الحسن علي بن المثنى ـ بأستراباذ ـ يقول : سمعت جعفر بن نصير الخلدي ببغداد يقول : سمعت الجنيد يقول : دخلت على السري في مرضه الذي توفي فيه فقلت له : كيف تجدك أيها الشيخ؟ فقال : عبد ملوك لا يقدر لنفسه شيئا ، فقال الجنيد : فأخذت المروحة لأروحه فقال : دعني ، كيف أتروح بريح المروحة وأحشائي تحترق ، فقلت له : أوصني أيها الشيخ ، قال : إياك وصحبة العوام ، فقلت له : زدني أيها الشيخ ، قال : فرفع رأسه بعد ما طأطأه وقال : ولا تشتغل عن صحبة الله بصحبة الأخيار قال : فقلت له : لو سمعت مثل هذه الكلمة من قبل لما صحبتك قط.
أنبأنا أبو الحسن الفارسي ، أنبأنا أبو بكر المزكّي ، نا أبو عبد الرّحمن السّلمي ،
__________________
(١) الخبر في حلية الأولياء ١٠ / ١٢٥ ، وسقط من ترجمة السري في تاريخ بغداد. ونقله ابن العديم في بغية الطلب ٩ / ٣٢٢٨ نقلا عن أبي نعيم.
(٢) كذا وفي الحلية : جعفر بن محمد.
(٣) بالأصل وم : «أبو بكر بن عبد الغفّار» حذفنا «بن» لأنها مقحمة انظر فهارس المجلدة العاشرة ص ٢١ ، انظر ترجمته في سير الأعلام ١٩ / ٢٤٦.
(٤) الميهني بفتح الميم والهاء نسبة إلى ميهنة ، قرية من قرى خابران وهي ناحية بين أبيورد وسرخس.