فقال له : تشغلني عن بناء داريّ فقال عمر : أنا أكفيك بناء هما. فكان عمر يحضر بناء هما حتى فرغ منهما. وأشار لي بعض المشايخ إلى بعض بناء عمر الذي بنى له على حاله وهو إلى اليوم على حاله.
وهو أحد العشرة الذين كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذكر أنهم في الجنة ، وفتح مدائن كسرى ، وهو أحد الستة الذين جعل (١) عمر بن الخطاب الشورى إليهم بعده وكان مستجاب الدعوة ، وسعد كوّف الكوفة ونفا الأعاجم ، وكان أهل الكوفة قد رفعوا عليه أشياء كشفها عمر فوجدها باطلا. وكان مما رفعوا عليه أنه لا يحسن الصلاة فقال : نعم ـ حين ذكر ذلك له ـ والله إني لأوجد في الأوليين وأخف الأخريين فقال عمر : ذاك الظن بك ، أبا إسحاق. وأمره أن يعود إلى الكوفة فقال : تأمرني أن أعود إلى قوم زعموا أني لا أحسن الصلاة. وأبى ، فلما طعن عمر قال في وصيته حيث أسماه في أهل الشورى : إن ولي سعد الإمارة فذاك ، وإلا أهل ، فليستعن به الوالي من بعدي فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة. واعتزل اختلاف أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد قتل عثمان ، ونزل قلهّي (٢) واحتفر فيه بئرا فأعذب وأمر أهله ألا يخبروه من أخبار الناس شيئا حتى تجتمع الأمة على إمام. ونظر يوما إلى راكب يزول فقال : هذا راكب فلما دنا قيل له : هذا ابنك عمر بن سعد فجاء عمر ، فأناخ ثم قال لأبيه : أرضيت لنفسك أن تقيم بهذا المنزل ، وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم يختلفون في الخلافة؟ فقال له : إن جئتني بسيف يعرف المؤمن من الكافر فإذا ضربت به فعلت فقال له : ليس إلّا هذا ، قال : لا. فوثب فقال اجلس حتى تصيب طعاما قال : لا حاجة لي بطعامكم.
وذكر بعض أهل العلم أن ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص جاءه فقال له : هاهنا مائة ألف سيف يرونك أحقّ الناس بهذا الأمر ، فقال : أريد من مائة ألف سيف سيفا واحدا إذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا ، وإذا ضربت به الكافر قطع. فانصرف من عنده إلى علي بن أبي طالب فكان في أصحابه وقاتل معه.
أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ،
__________________
(١) بالأصل : «حفد» والمثبت عن نسب قريش للمصعب ص ٢٦٣.
(٢) قلهي : حفيرة لسعد بن أبي وقاص ، اعتزل بها الناس لما قتل عثمان بن عفّان رضياللهعنه ، وروي فيها قلهيا. ويقال : قلهي (ياقوت).