فقال : إنك والله ما نهيتنا ولكنك أمرتنا فذمرتنا (١) ، فلما كان منها ما تكره برّأت نفسك ونحلتنا ذنبك ، فقال علي : وما أنت وهذا الكلام قبّحك الله ، والله لقد كانت الجماعة فكنت فيها جاهلا (٢) ، فلما ظهرت الفتنة نجمت فيها نجوم قرن الماعزة ، ثم التفت إلى الناس فقال : لله منزل نزله سعد بن مالك ، وعبد الله بن عمر ، والله إن كان ذنبا إنه لصغير مغفور ، وإن كان حسنا إنه لعظيم مشكور (٣).
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الحسن علي بن أحمد ، قالا : أنبأنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدّل ، أنا إسماعيل بن محمّد الصفار ، نا محمّد بن عبيد الله المنادي ، نا محمّد بن يعلى زنبور الكوفي ، نا الربيع بن صبيح ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن الحسن قال : لما كان من بعض هيج الناس ما كان جعل رجل يسأل عن أفاضل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجعل لا يسأل أحدا إلّا دلّه على سعد بن مالك ، قال : فقيل له : إن سعدا رجل إن أنت رفقت به كنت قمنا أن تصيب منه حاجتك ، وإن أنت خرقت به كنت قمنا أن لا تصيب منه شيئا ، قال : فجلس أياما لا يسأله عن شيء حتى استأنس به ، وعرف مجلسه ، ثم قال : أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى) إلى آخر الآية (٤) ، قال : فقال سعد : ما قلت؟ لا جرم والذي نفس سعد بيده لا تسألني عن شيء أعلمه إلّا أنبأتك به ، قال : أخبرني عن عثمان ، قال : كنا إذ نحن جميع مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان أحسننا وضوءا وأطولنا صلاة ، وأعظمنا نفقة في سبيل الله. فسأله عن شيء من أمر الناس فقال : أما أنا فلا أحدثك بشيء سمعته من وراء وراء ، لا أحدثك إلّا بما سمعت أذناي ووعاه قلبي ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
«إن استطعت أن تكون أنت المقتول ولا تقتل أحدا من أهل الصلاة فافعل ـ ثلاثا ـ» [٤٦٩٦].
أخبرنا أبو الحسن السّلمي ، أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو محمّد بن أبي
__________________
(١) أي حثثتنا ، والذمر : الحض والتهدد ، وقيل : الحثّ مع لوم واستبطاء.
(٢) في سير الأعلام : خاملا.
(٣) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٧ / ٢٤٦ وقال : رواه الطبراني.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ١٥٩.