الفرنج ووادعهم وسلم إليهم حصن القبة ، وهجم الفرنج على ربض حماة وقتلوا من أهلها ، وخاف أهل حلب من الفرنج فسلموا البلد الى نجم الدين إيلغازي ، فلما تسلمه لم يجد فيه مالا ولا ذخيرة لأن الخادم لولؤا الذي كان مستوليا على صاحبها سلطانشاه بن رضوان كان فرق كل ما فيها. وسار طغتكين (٥١٢) عن دمشق لقتال الفرنج ، فنزل بين دير أيوب وكفر بصل فخفيت عنه وفاة بغدوين ملك القدس ، حتى سمع الخبر بعد ثمانية عشر يوما وبينهم نحو يومين ، فأتته رسل ملك الفرنج بطلب المهادنة فاقترح عليه طغتكين ترك المناصفة التي بينهم من جبل عوف والحيانية والصلت والغور فلم يجب الى ذلك وأظهر القوة ، فسار طغتكين الى طبرية فنهبها وما حولها ، وسار منها نحو عسقلان وسلم بنو أخي القاضي شرف الملك بن الصليعة حصن بلاطنس لروجار صاحب أنطاكية فأقطعهم في أعمال اللاذقية عوضا منه وسكنوا تحت يده.
وبرز (٥١٣) صاحب أنطاكية فيمن حشده من طوائف الفرنج ورجالة الأرمن في ثلاثة آلاف فارس وتسعة آلاف راجل سوى الأتباع الى سرمد وقيل دانيث البقل بين أنطاكية وحلب وقيل تل عفرين ، فطار إليهم المسلمون بقيادة صاحبي حلب والموصل في عساكر التركمان والأكراد والعرب في عشرين ألفا ، فقتلوا الفرنج بحيث لم يفلت منهم غير من يخبر خبرهم ، وقتل ملكهم روجر وبقيت أنطاكية شاغرة من حماتها ، ثم فتح المسلمون الأثارب وزردنا.
وعاد إيلغازي الى حلب وقرر أمرها وأصلح حالها بعد أن أخربها الفرنج ونازلوها ، وكان في جملة الأسرى نيف وسبعون فارسا من مقدميهم حملوا الى حلب فبذلوا في نفوسهم ثلاثمائة ألف دينار فلم يقبل منهم. قال ابن الأثير في وقعة الفرنج في تل عفرين وكانوا يظنون أن أحدا لا يسلك إليهم لضيق الطريق فأخلدوا الى المطاولة ، وكانت عادة لهم إذا رأوا قوة من المسلمين.
وسار جوسلين صاحب تل باشر ليكبس بني ربيعة ، فوقع بينهم قتال انتصر فيه أمير بني ربيعة ، وأسر من الفرنج عدة كثيرة. وجمع صاحب