وأجاز رسوله مسعودا بأثنتي عشرة أوقية ونش (١) وبلغ قيصر إسلام فروة ابن عمرو فحبسه حتى مات فلما مات صلبوه ـ قاله ابن سعد.
وفي السنة الثامنة للهجرة بعث الرسول سرية كعب بن عمير الغفاري الى ذات أطلاح من ناحية الشام وهي وراء وادي القرى بين تبوك وأذرعات وكان ينزلها قوم من قضاعة ، ورأسهم رجل يقال له سدوس ، فخرج في خمسة عشر رجلا فوجد جمعا ، كثيرا فدعاهم الى الإسلام فأبوا أن يجيبوا وقتلوا أصحاب كعب جميعا ، وتحامل رجل منهم حتى بلغ المدينة. وفي هذه السنة استنفر الرسول الناس الى الشام فكانت غزوة ذات السلاسل ، والسلاسل ماء بأرض جذام ـ فوجه عمرو بن العاص في ثلثمائة مقاتل ثم استمده فأمده بأبي عبيدة بن الجراح على المهاجرين والأنصار فيهم أبو بكر وعمر في مائتين فكان جميعهم خمسمائة ، والغالب أنهم رجعوا من هذه الغزاة على غير جدوى.
ومن السرايا التي أرسلت الى الشام سرية زيد بن حارثة الى جذام بحسمى وراء وادي القرى مما يلي فلسطين من أرض الشام. وسببها أن دحية بن خليفة الكلبي كان أقبل من عند قيصر وقد أجاره وكساه فسلبه أهل حسمى ، فغزاهم زيد بن حارثة ثم ردّ الرسول عليهم أسلابهم. وفي تلك السنة بعث الرسول جيشا مؤلفا من ثلاثة آلاف مقاتل بلغوا تخوم البلقاء فلقيتهم جموع هرقل ومعهم العرب المتنصرة بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف ، فانحاز المسلمون الى قرية يقال لها مؤتة وجعلوا على ميمنتهم رجلا من عذرة يقال له قطبة بن قتادة ، وعلى ميسرتهم رجلا من الأنصار يقال له عبادة بن مالك ، فلقيتهم الروم في جمع عظيم فقتل من الأمراء زيد ابن حارثة ، ثم جعفر بن أبي طالب ، ثم عبد الله بن رواحة ، فلما فجع المسلمون بثلاثة قواد عظام منهم ، وكان خالد بن الوليد من القواد في ذاك الجيش ،
__________________
(١) النش : وزن نواة من ذهب وقيل : هو وزن عشرين درهما وقيل : خمسة دراهم وقيل : هو ربع أوقية ، والأوقية: أربعون درهما ونش الشيء نصفه (اللسان) ومنه الحديث أن النبي لم يصدق امرأة من نسائه أكثر من اثنتي عشرة أوقية ونش الاوقية : أربعون والنش : عشرون فيكون المجموع خمسمائة درهم.