أبي طاهر ، حدّثني أبو هفّان ، حدّثني أبي قال : دخل العتّابي (١) على عبد الله بن طاهر فأنشده :
حسن ظنّي وحسن ما عوّد الله سواي (٢) بك الغداة أتى بي (٣)
أيّ شيء يكون أحسن من حسن يقين حدا إليك ركابي فأمر له بجائزة ، ثم دخل عليه مرة أخرى فأنشده :
جودك يكفينيك في حاجتي |
|
ورؤيتي تكفيك مني السؤال |
كيف أخشى الفقر ما عشت لي |
|
وإنما كفاك لي بيت مال |
فأجازه أيضا ، ثم دخل عليه اليوم الثالث فأنشده :
أكسني ما يبيد أصلحك الله |
|
فإني أكسوك ما لا يبيد |
فأجازه وكساه وحمله.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمّد بن علي ، أنا علي بن عمر بن أحمد بن مهدي ، نا القاضي الحسين بن إسماعيل ، نا عبد الله بن أبي سعد ، حدّثني هارون بن ميمون الخزاعي ، نا محمّد بن أبي شيخ من أهل الرقّة ، حدّثني أحمد بن يزيد بن أسيد السلمي قال : كنت مع طاهر بن الحسين بالرقّة ، وأنا أحد قواده ، وكانت لي به خاصّية (٤) ، أجلس عن يمينه ، فخرج علينا يوما راكبا ، ومشينا بين يديه وهو يتمثّل (٥) :
عليكم بداري فاهدموها فإنها |
|
تراث كريم لا يخاف العواقبا |
إذا همّ ألقى بين عينيه عزمه |
|
وأعرض عن ذكر العواقب جانبا |
سأرخص عني العار بالسيف جالبا |
|
عليّ قضاء الله ما كان جالبا |
فدار حول الرافقة (٦) ثم رجع فجلس مجلسه ، فنظر في قصص ورقاع ، فوقّع فيها
__________________
(١) هو كلثوم بن عمرو بن أيوب العتابي ، انظر ترجمته وأخباره في الأغاني ١٣ / ١٠٩ ، وهذا الخبر والشعر مثبت في الأغاني ١٣ / ١١٦.
(٢) الجليس الصالح : سوائي.
(٣) عن م والمصادر ، وفي الأصل : أترابي.
(٤) كذا بالأصل وم ، وفي المختصر ١٢ / ٢٧٩ : «خاصة».
(٥) الأبيات لسعد بن ناشب ، وهو من شعراء بني تميم ، راجع خزانة الأدب ٣ / ٤٤٣.
(٦) الرافقة بلد متصل البناء بالرقة ، وهما على ضفة الفرات وبينهما مقدار ثلاثمائة ذراع (ياقوت).