أبو الحسن علي بن عبد العزيز الطاهري ، ثنا أبو محمّد علي بن عبد الله بن العبّاس بن المغيرة الجوهري ، نا أبو الحسين أحمد بن سعيد الدمشقي ، أنا الزبير بن بكار ، حدّثني مصعب بن عبد الله : أن عبد الله بن عبد الملك حجّ فقال له أبوه : انه سيأتيك بالمدينة الحزين الشاعر وهو ذرب اللسان ، فإياك أن تحتجب عنه وأرضه ، وهو أشعر ، ذو بطن ، عظيم الأنف ، قال : فلما قدم عبد الله المدينة وصفه لحاجبه ، وقال له : إياك أن تردّه ، فلم يأت الحزين حتى قام فدخل لينام ، فقال له الحاجب : قد ارتفع ، فلما ولّى ذكر فلحقه ، فقال له : ارجع ، فرجع فاستأذن له فأدخله فلما صار بين يديه ورأى جماله وفي يده قضيب خيزران وقف ساكتا ، فأمهله عبد الله حتى ظنّ أنه قد أراح ثم قال له : السلام ـ يرحمك الله ـ أولا فقال : عليك السلام أيها الأمير ، أصلحك الله إنّي كنت قد مدحتك بشعر ، (١) فلما دخلت عليك ورأيت جمالك وبهاءك هبتك ، فأنسيت ما قلت ، وقد قلت في مقامي هذا بيتين ، فقال : وما هما؟ فقال :
في كفّه خيزران ريحها عبق |
|
من كفّ أزهر (٢) في عرنينه شمم |
يغضي حياء ويغض من مهابته |
|
فما يكلّم (٣) إلّا حين يبتسم |
فأجازه ، فقال اخدمني أصلحك الله ، فإنه لا خادم لي ، قال : أخدمني (٤) هذين الغلامين فآخذ أحدهما ، فقال عبد (٥) الله بن عبد الملك : خذ الآخر.
أنبأنا أبو محمّد حمزة بن العبّاس ، وأبو الفضل أحمد بن محمّد بن الحسين بن سليم ، ثم حدّثني أبو بكر اللفتواني عنهما ، قالا : ثنا أبو بكر ، ثنا الباطرقاني ، أنا أبو عبد الله بن منده ، أنا أبو سعيد بن يونس ، قال : قال سعيد بن عفير.
ولّى عبد الملك بن مروان عمران بن عبد الرّحمن بن شرحبيل بن حسنة القضاء والشرط ، فأتي بمولى لعبد الله بن عبد الملك سكران كان به خاصا ، فأمر به يجلد الحدّ ، فقيل : لا تفعل إنه من خاصة عبد الله بن عبد الملك ، فقال : لو كان ابنه لحددته ، وكان عبد الله بن عبد الملك بالإسكندرية ، فلما بلغه ذلك غضب ، فعزله
__________________
(١) بالأصل : «شعر».
(٢) في نسب قريش للمصعب ص ١٦٤ من نشر أبيض.
(٣) بالأصل : تكلم ، والمثبت عن نسب قريش.
(٤) بالأصل : «أخبر في».
(٥) بالأصل : عبد الله بن دل.