عندك قتل عثمان ، قال : أجل ، قال : فنظر إليه الرجل فتأمّله فعرفه ، وقال : كأنك عبد الله بن سعد بن أبي سرح أمير مصر ، قال : أجل ، قال له الرجل : فإن كان لك في نفسك حاجة فالنجاء النجاء ، فإن رأي أمير المؤمنين فيك وفي أصحابك سيّئ إن ظفر بكم قتلكم أو نفاكم عن بلاد المسلمين ، وهذا بعدي أمير يقدم عليك ، قال له عبد الله : ومن هذا الأمير؟ قال : قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري.
قال : يقول عبد الله بن سعد : أبعد الله محمد بن أبي حذيفة ، فإنّه بغى على ابن عمّه ، وسعى عليه ، وقد كان كفله وربّاه ، وأحسن إليه ، فأساء جواره ، ووثب على عماله ، وجهز الرجال إليه حتى قتل ، ثم ولى عليه من هو أبعد منه ومن عثمان ، ولم يمتّعه بسلطان بلاده حولا ولا شهرا ، ولم يره لذلك أهلا ، فقال له الرجل : انج بنفسك لا تقتل ، فخرج عبد الله بن سعد هاربا حتى قدم على معاوية بن أبي سفيان دمشق.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (١) ، حدّثني حرملة ، أنا ابن وهب ، عن ابن (٢) لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، قال : أقام عبد الله بن سعد بعسقلان بعد قتل عثمان ، وكره أن يكون مع معاوية ، وقال : لم أكن لأجامع رجلا قد عرفته أن كان يهوى (٣) قتل عثمان ، فكان (٤) بها حتى مات.
أنبأنا أبو طاهر محمّد بن الحسين بن إبراهيم الحنّائي (٥) ، عن أبيه أبي القاسم ، عن عبد الوهّاب بن الحسن الكلابي ، أنا محمّد بن يوسف بن بشر الهروي ، نا أبو إسماعيل محمّد بن إسماعيل السلمي ، نا محمّد بن أبي السّري ، قال : ومات عبد الله بن سعد بن أبي سرح بعسقلان حيث خرج معاوية بن أبي سفيان إلى صفّين ولم يخرج معه ، وكره الخروج في ذلك المخرج ، فتوفي في أيام صفّين بعسقلان ، ودفن في موضع
__________________
(١) الخبر في المعرفة والتاريخ ١ / ٢٥٤.
(٢) عن م وبالأصل : «أبي» خطأ.
(٣) عن المعرفة والتاريخ وبالأصل : يقول.
(٤) من قوله : وكره إلى هنا سقط من م.
(٥) بالأصل وم : الجبلي ، خطأ والصواب ما أثبت عن مشيخة ابن عساكر ص ١٨٣ / ب وسماه : محمد بن الحسين بن محمد بن إبراهيم ، أبو طاهر بن أبي القاسم الحنائي. وانظر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٩ / ٤٣٦.