وقفنا على قبر بدسم فهاجنا |
|
وذكّرنا بالعيش إذ هو مصحب |
فجالت بأرجاء الجفون سوافح |
|
من الدمع (١) تستبكي الذي يتعيب |
إذا أبطأت عن ساحة الخد ساقها |
|
دم بعد دمع إثره يتصبّب |
فإن تسعدا نندب عبيدا بعولة (٢) |
|
وقلّ له منا البكا والتنحّب (٣) |
ثم نزل صاحبه فعقر ناقته ، وقال له القرشي : خذ في صوت أبي يحيى ، فاندفع يتغنّى (٤) :
أسعداني بدمعة (٥) أسراب |
|
من دموع كثيرة التسكاب |
إنّ أهل الحصاب قد تركوني |
|
مولعا مولها بأهل الحصاب (٦) |
أهل بيت تتابعوا للمنايا |
|
على الموت بعدهم من عتاب |
فارقوني وقد علمت يقينا |
|
ما لمن ذاق ميتة من إياب |
كم بذاك الحجون من أهل صدق (٧) |
|
وكهول أعفة وشباب |
سكنوا الجزع جزع بيت أبي مو |
|
سى إلى النخل من صفّي السّباب (٨) |
فلي الويل بعدهم وعليهم |
|
صرت فردا وملّني أصحابي |
قال ابن أبي دباكل : فو الله ما تمم صاحبه منها ثالثا حتى غشي على صاحبه ، وأقبل يصلح السرج على بغلته [وهو غير معرج عليه](٩) ، فسألته من هو؟ فقال : رجل من جذام ، قلت : بمن يعرف؟ قال : بعبد الله بن المنتشر ، قال : ولم يزل القرشي على حاله ساعة ثم أفاق ، فجعل الجذامي ينضح الماء على وجهه ويقول كالمعاتب له : أنت أبدا
__________________
(١) الأغاني : من الدمع تستتلي الذي يقعقب.
(٢) العولة والعول والعويل ، يقال أعول وعوّل للذي يرفع صوته بالبكاء والصياح.
(٣) الأغاني : التحوّب.
(٤) الشعر لكثير بن الصلت السهمي كما في معجم البلدان (في الحصاب ، وفي السباب).
(٥) الأغاني : بعبرة.
(٦) الحصاب الموضع الذي يرمي به الجمار بمنى.
(٧) بالأصل : «حي صدوق» والمثبت عن الأغاني.
والحجون : جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها.
(٨) قال الزبير : بيت أبي موسى الأشعري ؛ وصفي السباب : ماء بين دار سعيد الحرشي التي تناوح بيوت بيوت أبي القاسم بن عبد الواحد التي في أصلها مسجد. وكان به نخل وحائط لمعاوية (انظر ياقوت).
(٩) الزيادة عن الأغاني.