اثنين وكل يوم خميس من غير اخر الشّهر تعرض الأعمال فيها عرضا خاصّاً ، أو من غير كشفٍ للملائكة ولا لأرواح الأنبياء عليهمالسلام في الملأ الأعلى ، بل بوجه مستور عنهم بجملتها ثم تعرض أعمال كُلّ شَهرٍ آخر خميس فيه عرضاً عامّاً بتفصيل أعمال الشّهرِ بجملتها أو على وجه مكشوف للرّوحانييّن ، وإظهار تلك الأعمال على صفتها.
أقول : أفَلا ترى لو ان ملكاً استعرض كلّ يوم عمل صانع أو صاحب أو عبدٍ يعملُ شيئاً من المصنوعات في كلّ شَهر لخاصّته ، ثم لما تكملت تِلكَ الاعمال أواخِر الشهر أراد عرضها دفعةً واحدة ، وقد كان عَرفها قَبلَ ذلِكَ مَعرِفَةً واكِدَةً ، وانَّما عَرضَها جُملَةً بَعدَ تَكميلَها في الشَّهرِ ، إمّا لنفع صانعِها ، أو اظهارِ كمال خدمتهِ واعمالِ سَعادَتِهِ إن كانَت الاعمال من المرضيات ، وان كانت من أعمالِ الجَناياتِ فَلَعَلَ الغَرَضَ في عَرضِها جُملةً عِندَ اجتماعِها بما فيها مِنَ السَّيئاتِ ، لِيكُونَ أعذَرَ لمولاهُ في مَؤاخذَتِهِ لِعَبدِهِ عِندَ جنايَتِهِ ، أو لِكَشفِ فَضلِ العَفوِ عَنهُ إن تَدارَكَهُ بِعفوه ورَحمَتِهِ.
أقولُ : وعلى كُلِّ حالٍ فَقد عَرَّفناكض أوَ ذكَّرناكَ بهذِهِ الرواياتِ وَبَعضَ طُرقِها علَى التَّفصيلِ دُونَ الإجمالِ ، وإذا لم تحصُل من ذلِكَ عَلى يَقينٍ ، ولا تجريها مجرى أمثالها مِن الرِّوايات في فُروعِ الفِقهِ والدّينِ ، فلا أقل أن يَكونَ الخطَرَ بها من جُملَةِ الضَّررِ المظنونِ ، فَتَراعي عِند كُلِّ خميسٍ في آخِرَ شَهركَ ما عَملتَهُ فيه من أعمالِ ظاهِرِكَ وسِترِكَ ، وتَذكُرُ اجتمَاعَهَا وكثرتها ، ورُبّما لا تَعرِفُ عُيُوبها وَمَضرّتها ، لأنَّ الإنسانَ في الغالِب لا يَعرِفُ عُيُوب نَفسِهِ عَلَى التَّحقيق ، وإن رأى لها عَيباً فَإنَّهُ يَراهُ دُونَ ما يَراهُ عِندَ عَدُوّهِ أو عِندَ الرَّفيقِ.