أقول : وقد رويت هذا الحديث باسنادي إلى أبي جعفر محمّد بن بابويه ، من كتاب العلل قال فيه : عن عنبسة العابد قال : سمعتُ أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « آخر خميس في الشّهر تُرفعُ فيه الأعمال » (١).
أقول : ورويت هذا الحديث ايضاً باسنادي إلى جدّي أبي جعفر الطوسي رحمهالله ، عن أحمد بن عبدون ، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن شيبان القزويني من كتابه كتاب علل الشّريعة فقال فيه : قال عبد الصّمد بن عبد الملك : سمعتُ أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « آخرُ خميس في الشّهر ترفع فيه الأعمال » (٢).
وأقول : لَعلَ قائلاً يقول ـ أو يخطر بباله ـ أن كلّ يوم اثنين وخميس من كلّ أسبوع ترفع فيه أعمال العباد ، فما وجه هذه الأحاديث في تخصيصها الخميس الآخر من الشّهر وهي صحيحة الاسناد ؟
فالجواب : أنّ العرض من الأعمال ما هو جنس واحدٌ على التّحقيق من كلّ طريق ، لأنّ الملكين الحافظين بالنهار يعرضان عمل العبد في نهاره كما يختصّان بِهِ ، ومَلكي الليل يعرضان ما يعمله العبد في ليلة كما ينفردان به ، وقد تقدّم حديث في الجزء الأول من هذا ـ كتاب المهمّات والتتمات (٣) ـ في الفصل الرّابع عشر منه يتضمّن كيفية عرض الملكين الحافظين أيّام الدّنيا ، ثمّ يوم القيامة تعرض تلك الأعمال عرضاً آخر بعد اجتماعها عَلَى تفصيلها وحقيقتها ، فكذا لَعلّ كلّ يوم
__________________
(١) رواه الصدوق في علل الشرائع ٣٨١ / ٣.
(٢) رواه المصنف في محاسبة النفس : ٢٤.
(٣) أي تتمات مصباح المتهجد « للشيخ الطوسي » والتي جعلها السيد ابن طاووس عشرة اجزاء سماها ب « المهمات والتتمات » ، فالاقبال في اعمال السنه و « الدروع » في اعمال ايام الشهر ، و « جمال الاسبوع » في اعمال الأيام السبعة ، و « فلاح السائل » في اعمال اليوم والليلة ... انظر : الذريعة ٨ : ١٤٦.