حثاً عظيماً على التلزّم بأطنابِ (١) سرادقات (٢) منشئ الاحياءِ ومفني الامواتِ ، وواهب الاقواتِ ، ومالكِ الاوقاتِ ، حتى لقد كدتُ أن أجدني كالمضطرّ الى الوقوفِ بمقدسِ جنابِهِ ، والمحمولِ على مطايا لطفِهِ وعطفِهِ الى العكوفِ على شريفِ بابِهِ.
وأشهدُ أن لا الهَ الا هو ، شهادةً تلقّاها العقلُ من مولى رحيمٍ كاملِ القدرةِ ، وعرفَ ورودها (٣) من جنابِ رسولٍ كريمٍ قائلٍ : « كل مولود يولد على الفطرة » (٤) فجاءت الينا بخلعِ الامانِ ، ومعها لواء الولايةِ على دوامِ العنايةِ بدارِ الرضوانِ.
ووجدتُ قلبَ مملوكهِ اليها وامقاً (٥) ، ولها عاشقاً ، ولا يسمح أن يراه واهبها لها مفارقاً ، فمدَّ يدَ السؤالِ الى مالكِ الرفدِ والوعدِ بالسعدِ والاقبالِ ، في ان يعينهُ على عمارةِ منزل يصلحُ لجلالِها ، وتهيئِة فراشِ رحمةٍ يليق بجمالها. فرجعت يداً بنجازِ الوعودِ مملوءة من نفقاتِ عمارةِ منزلِ السعودِ ، وعليها فراش نعمةٍ يصلحُ لاستيطانِ توحيدِ مالكِ الكرمِ والجودِ. فعمَّرَ لها من شُرّف بها منزلَ الاستيطانِ ، وبسط لها ما يختصُ بها من فراشِ التعظيمِ بما وهبهُ مولاهُ من الامكانِ فأقامتْ
__________________
(١) الطُنُب : حبل الخباء ، والجمع اطناب. الصحاح ـ طنب ـ ١ : ١٧٢.
(٢) السرادق : ما يمد فوق سطح الدار. انظر الصحاح ـ سردق ـ ٤ : ١٤٩٦.
(٣) أي ورود الشهادة.
(٤) رواه الحلي في مختصر بصائر الدرجات : ١٦٠ ـ ١٦١ ، والبخاري في صحيحه ٢ : ١٢٥ ، والترمذي في سننه ٤ : ٤٤٧ / ذيل الحديث ٢١٣٨ ، ومالك بن أنس في الموطأ ١ : ٢٤١ / ٥٢ ، والطيالسي في مسنده : ٣١٩ / ٢٤٣٣ ، وأحمد في مسنده ٢: ٢٣٣ ، ٢٧٥ ، ٣٩٣ ، ٤١٠ ، و ٣ : ٣٥٣ ، والبيهقي في سننه ٦ : ٢٠٢ ، والديلمي في الفردوس ٣ : ٢٤٨ / ٤٧٣٠ ، ٤٧٣١.
(٥) وامقاً : أي محباً من دون ريبة. انظر لسان العرب ١٠ : ٣٨٥.