التمسك بهذا الشكل من العبادة ، والمداومة عليه ، وذلك لان حالة الانشداد النفسي والروحي نحو الدعاء ـ حسب هذا التصور الباهت ـ تنبعث أساساً بل وبشكل مؤكد من حالة الخوف والتوجّس التي كانت تغلِّف حياة الانسان في تلك الحقب الغابرة مما يحيطه من المظاهر الغامضة التي كان لا يجد لها في حدود تفكيره البسيط تفسيراً معقولاً يطمئن اليه ، وتجد له نفسه الخائفة ما يلقي عليه انوعاً من الاطمئنان والاستقرار ، ينضاف الى ذلك ما كانت تشكّله حالة العجز المادي عن دفع الكثير من الآفات المختلفة سواء كانت العوارض الطبيعية أو الامراض الوبائية وغيرها ، كل ذلك كان يشكّل البعد الاوسع في تعلّق الانسان بالحالة الغيبية ، والايمان المطلق بقدرتها على حل هذه المعضلات ، فلذا تراه يتشبّث بالدعاء متوسلاً بالله تعالى صرف هذه الاخطار المتوهّمة ، أوالاحداث الغيبيّة ، أو حتى حالات المرض والعسر التي تصيبه فيعجز أمامها عن فعل شيء.
والحق يقال انَّ مثل هذه الاطروحات ـ والتي قد تجد لها في أذهان السذّج والمغرّرين مواطئ لاقدامها ، أو منافذ لسمومها ـ ترتكز على مبنيين أساسيين يشكّلان الحجرين الاساسيين لابتناء افكارهما ، وهما :
١ ـ رد الفعل المادي الحاد قبالة الانحراف الفكري والعقائدي للكنيسة.
٢ ـ الانبهار والتأثر الشديد بحالة التطور المادي والتقني الالحادي.
وهذان المبنيان يشكّلان المدخلين الواسعين اللذين أثَّرا بلا شك في صنع الاطروحة المذكورة البعيدة كلّ البعد عن أرض الواقع ، والعاجزة عن ادراك حقائق الامور المستهدف نقضها ، بل ومن دون أدنى تأمُّل في العقائد المترجمة لمفهوم الدعاء ، والمراد منه.
انَّ الاسلام كدين سماوي متكامل أرسله الله تعالى الى عموم البشرية ، كان يستهدف بشكل أساس صنع الانسان المؤمن القوي الذي يتكاتف مع