من الطلاب الذين أصبح بعضهم دعاة إصلاح أو شخصيات علمية مشهورة في مناطق إسلامية متعددة (٩) ويؤكد الدكتور العثيمين أثر الشيخين محمد ابن حياة السندي ، والشيخ عبد الله بن سيف (١٠) على الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمهالله ـ لا بالنسبة لتحصيله العلمي فقط وإنما بالنسبة لاتجاهه الإصلاحي أيضا.
ومن علماء المدينة في هذه الحقبة المؤرخ عبد الرحمن بن عبد الكريم الأنصاري (١١٢٤ / ١١٩٧ ه) الذي تلقى علومه في مدرسة الحديث التي نشأت في المدينة خلال القرن الثاني عشر الهجري ، حيث نعرف من ترجمته أنه تلقى العلم على الشيخ أبي الطاهر الكوراني ، وأبي الطيب السندي ، ومحمد بن الطيب الفاسي.
ينعته المرادي في كتابه «سلك الدرر» بمؤرخ المدينة في عصره (١١) كما يذكر عمر الداغستاني وهو معاصر له بالمدينة ، أنه ألّف تاريخا جمع فيه بيوتات أهل المدينة (١٢) وعبارة المرادي على قصرها تحمل دلالة واضحة على أهمية كتاب الأنصاري المسمى «تحفة المحبين والأصحاب في معرفة ما للمدنيين من أنساب» فهو كما ذكر محقق الكتاب الأستاذ محمد العروسي المطوي ليس مجرد كتاب أنساب فقط كما يدل عليه عنوانه بل هو بالاضافة إلى ذلك يصور مجتمع المدينة في القرن الثاني عشر من مختلف أوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما يمكن الدارس وبخاصة الاجتماعي من تلمس العناصر والمعطيات للدراسة والتحليل والإنتاج (١٣).
لم يذكر الأنصاري سببا لتأليف كتابه التحفة إلا أنه يشير عند ترجمته لآل الأنصاري إلى أن المؤرخ السخاوي أهمل كثيرا في كتابيه «التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة» و «الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع» من فروع هذا المجموع ـ أي آل الأنصاري ـ وذلك من قلة العلم بأصولهم وعدم تفصيلهم (١٤) ، ولعل هذا ما حدا بالأنصاري أن يؤلف كتابه هذا وكتابا آخرا في تاريخ أنساب أهل المدينة لا نعرف عنه إلا اسمه وهو «نشر كمائم الأزهار المستطابة في نشر تراجم أنصار طابة». (١٥)
والأنصاري من خلال الترجمة التي كتبها لنفسه يبدو أنه أحد أولئك العلماء الذين تجولوا في بعض البلاد العربية والإسلامية ، يحدوهم في ذلك الرغبة في طلب العلم والاستزادة من معطيات المعرفة ، فهو يسافر إلى بلاد