متدفقا ينبئوك عن ذلك النبع الثّرّ الذي كان يختبىء في أعماقه وتنطوي عليه روحه التي قاومت المرض حينا وصادقته حينا آخر ولم يحن أديبنا ظهره لعوائد الدهر ولكنه كثيرا ما توكأ على عصاه وهذا قدر المبدعين يتجول بين دور العلم ليبحث عن كتاب أو يحقق معلومة أو يشارك في ندوة علمية ولم يسقط القلم من بين يديه فلقد ظل وفيا للكلمة النظيفة حتى في تلك الظروف التي يظن الآخرون أن اليأس فيها تغلب على الأمل وأن الظلام قد يحول بين بزوغ الفجر وانتشار الضياء.
اليوم يرقد هذا الرائد على فراش المرض وهو الذي كان دائما منتصب القامة مرفوع الرأس شامخ الأنف ولكنه قدر الله وإرادته والتسليم هو عقيدة الموحدين ودرع الصابرين وإنما عتبنا على أحباب لنا في نادي المدينة الأدبي عرفوا هذا الرجل عن قرب وعايشوه عن تجربة ولكنهم نسوه في غمرة شؤون هذه الدنيا الفانية أما وإنهم لم يكرموه فقد ظلموه ولعلهم في يوم يكون قريبا أن ينصفوه.