الطيّب الريح ، نكّاح النساء ، [ذا](١) النسل القليل (٢) إنّما نسله من مباركة لها بيت ـ يعني في الجنة ـ من قصب لا نصب فيه ولا صخب ، تكفله يا عيسى في آخر الزمان كما كفل زكريا أمك ، له منها فرخان مستشهدان وله عندي منزلة ليست (٣) لأحد من البشر ، كلامه القرآن ودينه الإسلام ، وأنا السلام ، طوبى لمن أدرك زمانه وشهد أيامه ، وسمع كلامه.
قال عيسى : يا ربّ وما طوبى؟ قال : غرس شجرة أنا غرستها بيدي فهي للجنان كلها ، أصلها من رضوان ، وماؤها من تسنيم ، وبردها برد الكافور ، وطعمها طعم الزنجبيل ، وريحها ريح المسك ، من شرب منه (٤) شربة لم يظمأ بعدها أبدا.
قال عيسى : يا ربّ اسقني منها ، قال : حرام على النبيّين أن يشربوا منها حتى يشرب ذاك النبي ، وحرام على الأمم أن يشربوا منها حتى تشرب أمة ذلك النبي.
قال : يا عيسى أرفعك إليّ ، قال : يا ربّ ولم ترفعني؟ قال : أرفعك ثم أهبطك في آخر الزمان لترى من أمة ذلك النبي العجائب ، ولتعينهم على قتال اللعين الدجّال ، أهبطك في وقت صلاة ثم لا تصلّي بهم لأنها أمة مرحومة ، ولا نبي بعد نبيهم.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو محمّد بن حمزة ، قالا : أنبأنا عبد الدائم بن الحسن بن عبيد الله ، أنبأنا عبد الوهّاب الكلابي ، حدّثنا أبو بكر بن خريم ، حدّثنا هشام بن عمّار (٥) ، حدّثنا الوليد بن مسلم ، حدّثنا عبد الرّحمن بن زيد ، عن أبيه.
أن عيسى بن مريم قال : رب انبئني عن هذه الأمة المرحومة ، قال : أمة أحمد صلىاللهعليهوسلم ، هم علماء حكماء كأنهم أنبياء ، يرضون مني بالقليل من العطاء ، وأرضى منهم باليسير من العمل ، وأدخلهم الجنة بلا إله إلّا الله ، يا عيسى هم أكثر سكان الجنّة لأنها لم تذلّ ألسن قوم قط بلا إله إلّا الله كما ذلت ألسنتهم ، ولم تذلّ رقاب قوم بالسجود كما ذلّت به رقابهم.
أخبرنا أبو نصر محمّد بن أحمد بن عبد الله الكبريتي ، حدّثنا أبو بكر بن الفضل بن
__________________
(١) زيادة عن المصادر.
(٢) إلى هنا أخرجه البيهقي في دلائل النبوة من طريق مقاتل بن حيّان ١ / ٣٧٨.
(٣) الأصل والمختصر : «ليس» والمثبت عن البداية والنهاية وقصص الأنبياء.
(٤) الأصل : فيه ، والمثبت عن البداية والنهاية وقصص الأنبياء.
(٥) من طريقه رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٩٣ وقصص الأنبياء ٢ / ٤٠٤ ، وقال في آخره : رواه ابن عساكر.