ربّ ما أعز ملكك وأتمّ أمرك ، ربّ ما أعظم عرشك ، وأشد بطشك ، رب ما أوسع كرسيك ، وأهدى مهديك ، رب ما أوسع رحمتك ، وأعرض جنتك ، رب ما أعزّ نصرك وأقرب فتحك ، رب ما أعمر بلادك وأكثر عبادك ، ربّ ما أوسع رزقك وأزيد شكرك ، ربّ ما أسرع فرجك ، وأحكم صنعك ، ربّ ما ألطف خيرك وأقوى أمرك ، رب ما أنور عفوك ، وأجلّ ذكرك ، ربّ ما أعدل حكمك ، وأصدق قولك ، ربّ ما أوفى (١) عهدك وأنجز وعدك ، ربّ ما أحضر نفعك وأتقن صنعك.
ويحي! كيف أغفل ولا يغفل عني ، أم كيف تهنئني معيشتي واليوم الثقيل ورائي؟ أم كيف لا يطول حزني ولا أدري ما يفعل بي ربّي؟ أم كيف تهنئني الحياة ولا أدري ما أجلي؟ أم كيف يشتد حبي لدار ليست بداري؟ أم كيف أجمع لها وفي غيرها قراري؟ أم كيف تعظم فيها رغبتي ، والقليل فيها ما يكفيني ، أم كيف آمن ولا يدوم فيها حال؟ أم كيف يشتد عليها حرصي ولا ينفعني ما تركت فيها بعدي؟ أم كيف أؤثرها وقد أضرّت بمن آثرها قبلي؟ أم كيف لا أبادر بعملي قبل أن يغلق باب توبتي؟ أم كيف يشتد إعجابي بما يزايلني وينقطع عني؟ أم كيف أغفل عن أمر حسابي وأظلني واقترب مني؟ أم كيف أجعل شغلي فيما قد تكفل به لي؟ أم كيف أعاود ذنوبي وأنا معروض على عملي؟ أم كيف لا أعمل بطاعة ربي وفيها النجاة مما أحذر على نفسي؟ أم كيف لا يكثر بكائي ولا أدري ما يراد بي؟ أم كيف تقرّ عيني مع ذكر ما سلف مني؟ أم كيف أعرض (٢) نفسي لما لا تقوى (٣) له قواي؟ أم كيف لا يشتد هولي مما يشتد منه جزعي ، أم كيف تطيب نفسي مع ذكر ما هو أمامي؟ أم كيف يطول أملي والموت في أثري؟ أم كيف لا أراقب ربي وقد أحسن طلبي؟
ويحي فهل ضرّت غفلتي أحدا سواي ، أم هل يعمل لي غيري إن ضيعت حظي؟ أم هل يكون عملي إلّا لنفسي؟ فلم أدّخر عن نفسي ما يكون نفعه لي؟
ويحي كأنه قد تصرّم أجلي ثم أعاد ربي خلقي كما بدأني ، ثم واقفني (٤) وسألني فسأل عني وهو أعلم بي ، ثم أشهدت الأمر الذي أذهلني عن أحبائي وأهلي ، وشغلت بنفسي عن غيري ، وبدلت السموات والأرض وكانتا تطيعان وكنت أعصى ، وسارت الجبال وليس لها
__________________
(١) الأصل : وفي ، والمثبت عن م والحلية.
(٢) الأصل : اعترض ، والمثبت عن م والحلية.
(٣) كذا الأصل وم : «لا تقوى له قواي» وفي الحلية : «لا يقوى له هوائي».
(٤) كذا بالأصل وم ، وفي حلية الأولياء : أوقفني.