لأحدهما على البدل من حيث هذا المفهوم المنتزع ؛ لأنّ ذلك غير ممكن ، كما تقدّم وجهه في بيان الشبهة (١). لكن (٢) ، لمّا كان امتثال التكليف بالعمل بكلّ منهما كسائر التكاليف الشرعيّة والعرفيّة مشروطا بالقدرة ، والمفروض أنّ كلا منهما مقدور في حال ترك الآخر وغير مقدور مع إيجاد الآخر ، فكلّ منهما مع ترك الآخر مقدور يحرم تركه ويتعيّن فعله ، ومع إيجاد الآخر يجوز تركه ولا يعاقب عليه ، فوجوب الأخذ بأحدهما نتيجة أدلّة وجوب الامتثال والعمل بكلّ منهما ، بعد تقييد وجوب الامتثال بالقدرة (٣).
وهذا ممّا يحكم به بديهة العقل ، كما في كلّ واجبين اجتمعا على المكلّف ، ولا مانع من تعيين كلّ منهما على المكلّف بمقتضى دليله إلاّ تعيين الآخر عليه كذلك.
والسرّ في ذلك : أنّا لو حكمنا بسقوط كليهما مع إمكان أحدهما على البدل ، لم يكن وجوب كلّ واحد منهما ثابتا بمجرّد الإمكان ، ولزم كون وجوب كلّ منهما مشروطا بعدم انضمامه مع الآخر ، وهذا خلاف
__________________
(١) تقدّم في الصفحة ٣٤.
(٢) في (خ) و (ف) بدل «لكن» : «بل».
(٣) وردت في (ظ) بدل «من حيث هذا ـ إلى ـ بالقدرة» العبارة التالية : «نظير شموله للواحد المعيّن ؛ لأنّ دخول أحدهما على البدل وخروج الآخر غير ممكن ، كما تقدّم وجهه في بيان الشبهة ، وإنّما هو حكم عقليّ يحكم به العقل بعد ملاحظة وجوب كلّ منهما في حدّ نفسه ، بحيث لو أمكن الجمع بينهما وجب كلاهما ؛ لبقاء المصلحة في كلّ منهما ، غاية الأمر أنّه يفوته إحدى المصلحتين ويدرك الاخرى».