فالسادة كما تعلمين هم نسل النبي محمد ، لكنهم ينقسمون عدة طبقات ، ويتمتع بعضها بقدر من التوقير والتبجيل أكثر مما تتمتع به الطبقات الأخرى لأنها كما يعتد محبوة بمواهب خاصة مستمدة من أصلها المقدس.
ومن هذه المواهب موهبة لا تدعي بها الا أسر قليلة وهي القدرة على تحمل النار وتأثيرها من دون أذى. فقد قيل لي في سوج بولاق أن إحدى الأسر المحبوة بهذه الموهبة كانت تقيم في قرية غير بعيدة عنا ، ولكن المؤسف انه لم يكن بوسع أحد أن يأتي بشخص يقوم بهذا العمل بين يدي حينما أبديت رغبتي في مشاهدة هذه المعجزة. إذ يزعم أن الأشخاص الموهوبين هؤلاء يستطيعون الدخول إلى تنور تشتعل به النار حتى يصبح احمر من شدة الحرارة ، وأنهم يكومون النار فوق أيديهم ، ومع ذلك يصيح الفرد منهم «إنه بردان» فيخرج من دون أن يكون قد مسه شيء من الأذى. وهم يستطيعون كذلك إخراج قطعة حديد ساخنة إلى درجة الاحمرار من النار دون أن تصاب أيديهم بأذى. والخلاصة أننا إذا صدقنا ما يقال عنهم فإنهم يعتبرون مواد غير قابلة للاحتراق.
وقد كان الضحك على هذه الخرافة السخيفة شيئا على نفس المقدار من الإساءة وعدم الفائدة ، لأن جميع هذه القصص مهما كان منشؤها لما كانت قد أيدتها عقيدة الأجيال التقليدية فإن دحضها كان لا يمكن ان يتم إلا بإخضاعها للاختبار التجريبي ـ الذي كانت الجهات المتمسكة بالخرافات تتحاشاه على الدوام حيث يكون من المحتمل اكتشاف الزيف المنطوي فيها. ولذلك كنت حينما تفرض عليّ التأكيدات على صدق هذه القدرة الخارقة من جميع الجهات أجيب فقط بأن هذه الأمور قد تكون صحيحة ، ولكن الاعتقاد بها من دون شك أو ريبة يعتبر خارج قدرتي أنا حتى أكون قد شاهدت بأم رأسي بعض الأدلة التي لا تدحض ـ كأن يقوم أحد الموهوبين هؤلاء بإخراج قطعة من الحديد الساخن إلى درجة الاحمرار من التنور بيده العارية ومسكها لمدة ما بأصابعه هو ـ وعند ذاك أقتنع بما وهب له من القدرة الخارقة ، غير أن جميع من في المجلس أجابني بصوت واحد يقول «لكن الحقيقة لا ريب فيها لأننا كلنا على