واللصوص. وفي طريقنا هذا اليوم شاهدنا الكثير من آثار العنف والضغينة ، لأننا في مسافة لا تزيد على اثني عشر ميلا أبدلنا حراسنا وأدلاءنا مرتين. إذ لا يجرأ سكان القرية الواحدة على الدخول في حدود القرية الأخرى. وقد قص علينا دليلنا عول خضر أغا قصة طريفة في هذا الشأن ، وهي أن قبيلة الهماوند التي تشغل بعض الأراضي القريبة من هذه المنطقة ، والتي أكد لي أنها لا تزيد في عددها على الخمسمئة أو الستمئة أسرة ، قد جعلت من نفسها عشيرة قوية تجاه عشيرة أخرى هي عشيرة الجاف (١) التي تعد بين عشرة آلاف واثني عشر
__________________
(١) والجاف عشيرة كبيرة من العشائر الكردية التي تتألف من أناس مقيمين في مختلف القرى والأرياف التي تمتد من لواءي كركوك والسليمانية في العراق إلى منطقة جوانرورد في داخل الحدود الإيرانية ، ومن قبائل رحل يتجولون في ضمن المنطقة هذه أيضا. وتتألف العشيرة من قبائل عدة تنتشر في جهتي الحدود العراقية ـ الإيرانية. وليست هناك رئاسة خاصة للعشيرة كلها وإنما يترأس كل قبيلة من القبائل المنضوية تحت لوائها رئيس من أسرة الإمارة المعروفة عندها وهي أسرة ظاهر بك. أو (زاير) بالكردية ، الذي يرجع بنسبه إلى بيرخضر شاهو الجد الأعلى الذي قدم من إيران (منطقة جوانرود). وهو رجل من السادة الهاشميين. كانت له رئاسة دينية في بادئ الأمر. وقد تفرعت الإمارة إلى ثلاثة فروع : (١) بهرام بيكيه (٢) كيخسرو بيكيه (٣) ولد بكيه. وقد لعبت قبائل الجاف بوضعها هذا دورا فعالا في الخصومات التي احتدمت بين العثمانيين والإيرانيين حول الحدود والمطامع الإقليمية. واستفاد من ذلك على الأخص أمراء البابانيين الذين كانوا يتناحرون على الحكم في المنطقة. وقد اقتضت الأحوال السياسية أخيرا أن تنقسم قبائل الجاف إلى جمهرتين أو مجموعتين : (١) جاف العراق أو جاف مرادي و (٢) جاف إيران أو جاف جوانرودي. وتسكن قبائل الجاف العراقية في ناحية شيروانة التابعة لقضاء كفري. ومنطقة شهرزور التابعة لقضاء حلبجة في لواء السليمانية. ومن أشهرها قبائل الميكايلي والروغزادي والطرخاني والشاطري والهاروني والصداني والبوداخي واليزدان بخشي والنجم الديني والكلالي وغير ذلك.
أما الهماوند فهم من القبائل الكردية المعروفة بالشجاعة والبسالة. ويقيمون في منطفتي جمجمال وبازيان اللتين يمر منهما طريق كركوك ـ السليمانية الرئيس في ـ