وببضع بنسات أمكن الحصول على دجاجة أخرى ، غير أن المهمندار تدخل في الأمر لأن شرفه وضع على المحك حيث إنه كان مسؤولا عن إعاشتي مجانا من جميع الوجوه ، عدا الريح الذي كان ينتظره لنفسه ، ولذلك استرجع الدراهم قسرا من العجوز صاحبة الدجاجة وأعادها إليّ. وقد بدأت ، محاولات عدة لتسوية المشاكل بشراء ما كنا نحتاجه ، لكن الدراهم وإن كانت تقدم بصورة سرية فإن الناس كانوا يخشون المهمندار بحيث يأبون تسلمها. وأخيرا ، فبعد أن تم اعتصار كل ما يمكن استخراجه كانت الطريقة الوحيدة التي كان يترتب عليّ اتباعها لتحاشي لعنات المجتمع المنهوب هو أن أبعث أحد الخدم سرّا خلال الليل إلى دور المتضررين فأدفع لهم قيمة ما كان يؤخذ منهم مع إضافة قليلة. وكنت أعتمد في ذلك على نزاهة خادمي ـ وهو اعتماد قد يكون في غير محله بلا شك. لكنني لم يكن لدي وجه آخر للاختيار ، وأعتقد أنه لا بد أن يكون قد نفذ ما كنت أعتمد عليه فيه جزئيّا على كل حال لأن معظم الناس جاءوا ، حينما كنت أهم بالركوب في صباح اليوم الثاني ، يودعونني بوداع حار وتمنيات طيبة.
كفري ٤ تشرين الثاني
ومن زالة ، المكان الذي أرخت به كتابي الأخير ، أوصلتني مسيرة اثنين وعشرين أو أربعة وعشرين ميلا إلى إبراهيم خانجي إحدى القرى الكردية التابعة لرئيس من رؤساء الكرد ، حيث كنا سنقضي ليلتنا. وقد أدت بنا الأميال الخمسة أو الستة الأولى من طريقنا إلى بقعة صخرية فريدة لم أر مثلها قط. لكن مقدار العشب الذي نبت برغم ذلك في الربيع والصيف كان شيئا مدهشا. فلا يزال قسم منه نابتا حتى الآن ، بينما ترك القسم الأعظم منه بعد أن أشعلت فيه النار فسحا كبيرة من سطح الأرض وهي سوداء ، مرقطة بالأحجار الرمادية.
ثم صعدنا بعد ذلك جبلا كثير الصخور يعلو إلى ارتفاع غير يسير ، وهو آخر موقع ذي أهمية يحجز بيننا وبين دجلة. وقد كان أجرد من كل شيء عدا بعض العشب ، لكن شجرة عظيمة من أشجار البلوط كانت تنشر ظلها فوق